للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ آخِرُ مَنْ بَقِيَ مِنَ الصَّحابة بِالْكُوفَةِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِيمَا قَالَهُ الْبُخَارِيُّ سَنَةَ تِسْعٍ أَوْ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ، وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ، وَقَدْ جَاوَزَ الْمِائَةَ، وَقِيلَ قَارَبَهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

وَفِيهَا تُوُفِّيَ هِشَامُ بن إسماعيل ابن هِشَامِ بْنِ الْوَلِيدِ الْمَخْزُومِيُّ الْمَدَنِيُّ، وَكَانَ حَمَا عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَنَائِبَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَهُوَ الَّذِي ضَرَبَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ كَمَا تَقَدَّمَ، ثُمَّ قَدِمَ دِمَشْقَ فَمَاتَ بِهَا، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ دِرَاسَةَ الْقُرْآنِ بِجَامِعِ دِمَشْقَ فمات فيها في السبع.

عمير بن حكيم الْعَنْسِيُّ الشَّامِيُّ، لَهُ رِوَايَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ فِي الشَّامِ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَعِيبَ الْحَجَّاجَ عَلَانِيَةً إلا هو وابن محيريز أبو الأبيض، قُتِلَ فِي غَزْوَةِ طُوَانَةَ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ في هذه السنة.

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ فِيهَا غَزَا مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَابْنُ أَخِيهِ الْعَبَّاسُ بِلَادَ الرُّومِ فَقَتَلَا خَلْقًا كَثِيرًا وَفَتَحَا حُصُونًا كَثِيرَةً، مِنْهَا حِصْنُ سُورِيَّةَ وَعَمُّورِيَّةَ وَهِرَقْلَةَ وَقَمُودِيَّةَ (١) .

وَغَنِمَا شَيْئًا كَثِيرًا وَأَسَرَا جَمًّا غَفِيرًا.

وَفِيهَا غَزَا قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ بِلَادَ الصُّغْدِ وَنَسَفَ وكش، وَقَدْ لَقِيَهُ هُنَالِكَ خَلْقٌ مِنَ الْأَتْرَاكِ فَظَفِرَ بِهِمْ فَقَتَلَهُمْ، وَسَارَ إِلَى بُخَارَى فَلَقِيَهُ دُونَهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ التَّرْكِ فَقَاتَلَهُمْ يَوْمَيْنِ وَلَيْلَتَيْنِ عِنْدَ مَكَانٍ يُقَالُ لَهُ خَرْقَانُ (٢) ، وَظَفِرَ بِهِمْ فَقَالَ فِي ذَلِكَ نَهَارُ بْنُ تَوْسِعَةَ: وَبَاتَتْ لَهُمْ مِنَّا بِخَرْقَانَ لَيْلَةٌ * وَلَيْلَتُنَا كَانَتْ بِخَرْقَانَ أَطْوَلَا ثُمَّ قَصَدَ قُتَيْبَةُ وَرْدَانَ خُذاه (٣) مَلِكَ بُخَارَى فَقَاتَلَهُ وَرْدَانُ قِتَالًا شَدِيدًا فَلَمْ يَظْفَرْ بِهِ قُتَيْبَةُ، فَرَجَعَ عَنْهُ إِلَى مَرْوَ، فَجَاءَهُ البريد بكتاب الْحَجَّاجِ يُعَنِّفُهُ عَلَى الْفِرَارِ وَالنُّكُولِ عَنْ أَعْدَاءِ الْإِسْلَامِ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ يَبْعَثَ بِصُورَةِ هَذَا الْبَلَدِ - يَعْنِي بُخَارَى - فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِصُورَتِهَا فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنِ ارْجِعْ إِلَيْهَا وَتُبْ إِلَى اللَّهِ مِنْ ذَنْبِكِ وَائْتِهَا مِنْ مَكَانِ كَذَا وَكَذَا، وَرِدْ وَرْدَانَ خُذَاهْ، وَإِيَّاكَ وَالتَّحْوِيطَ، وَدَعْنِي وَبُنَيَّاتِ الطَّرِيقِ.

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ وَلَّى الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ إِمْرَةَ مَكَّةَ لِخَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيِّ، فَحَفَرَ بِئْرًا بِأَمْرِ الْوَلِيدِ عِنْدَ ثَنِيَّةِ طُوًى وَثَنِيَّةِ الْحَجُونِ، فَجَاءَتْ عَذْبَةَ الْمَاءِ طيبة، وكان يستقى منها الناس.

وروى


(١) في ابن الاثير ٤ / ٥٣٥: قمونية.
(٢) في ابن الاثير: خرقانة السفلى.
(٣) في ابن الاعثم ٧ / ٢٢٤: معاينون بن راع.
وفي الاخبار الطوال ص ٣٢٧: صول.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>