للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطاب، وعلى قضائها عامر الشعبي، وعلى البصرة يزيد بن المهلب. قد استحوذ عليها وخلع أمير المؤمنين يزيد بن عبد الملك. وفيها توفي عمر بن عبد العزيز، وربعي بن حراش، وأبو صالح السمان وكان عابدا صادقا ثبتا، وقد ترجمناه في كتابنا التكميل والله أعلم.

[ثم دخلت سنة ثنتين ومائة]

فيها كان اجتماع مسلمة بن عبد الملك مع يزيد بن المهلب، وذلك أن يزيد بن المهلب ركب من واسط واستخلف عليها ابنه معاوية، وسار هو في جيش، وبين يديه أخوه عبد الملك بن المهلب، حتى بلغ مكانا يقال له العقر (١)، وانتهى إليه مسلمة بن عبد الملك في جنود لا قبل ليزيد بها، وقد التقت المقدمتان أولا فاقتتلوا قتالا شديدا، فهزم أهل البصرة أهل الشام، ثم تذامر أهل الشام فحملوا على أهل البصرة فهزموهم وقتلوا منهم جماعة من الشجعان، منهم المنتوف، وكان شجاعا مشهورا، وكان من موالي بكر بن وائل، فقال في ذلك الفرزدق:

تبكي على المنتوف بكر بن وائل … وتنهى عن ابني مسمع من بكاهما

فأجابه الجعد بن درهم مولى الثوريين من همدان، وهذا الرجل هو أول الجهمية، وهو الذي ذبحه خالد بن عبد الله القسري يوم عيد الأضحى فقال الجعد: -

نبكي على المنتوف في نصر قومه … وليتنا نبكي الشائدين أباهما

أرادا فناء الحي بكر بن وائل … فعز تميم لو أصيب فناهما

فلا لقيا روحا من الله ساعة … ولا رقأت عينا شجي بكاهما

أفي الغش نبكي إن بكينا عليهما … ولقد لقيا بالغش فينا رداهما

ولما اقترب مسلمة وابن أخيه العباس بن الوليد من جيش يزيد بن المهلب، خطب يزيد بن المهلب الناس وحرضهم على القتال - يعني قتال أهل الشام - وكان مع يزيد نحو من مائة ألف، وعشرين ألفا (٢)، وقد بايعوه على السمع والطاعة، وعلى كتاب الله وسنة رسوله ، وعلى أن لا يطأ الجنود بلادهم، وعلى أن لا تعاد عليهم سيرة الفاسق الحجاج، ومن بايعنا على ذلك قبلنا منه، ومن خالفنا قاتلناه.

وكان الحسن البصري في هذه الأيام يحرض الناس على الكف وترك الدخول في الفتنة،


(١) العقر: قال في معجم البلدان: العقر عدة مواضع، منها عقر بابل قرب كربلاء من الكوفة … قتل عنده يزيد بن المهلب في صفر سنة ١٠٢ وكان قد خلع طاعة بني مروان ودعا إلى نفسه.
(٢) في ابن الأعثم ٨/ ١٥: ويزيد في نيف من عشرين ألفا.

<<  <  ج: ص:  >  >>