للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ أَعْلَمَ (١) الْوَرْقَاءَ أَنَّ مَحَلَّكُمْ * حَرَمٌ وَأَنَّكَ مَلْجَأٌ لِلْخَائِفِ الشَّيخ شِهَابُ الدِّين السُّهْرَوَرْدِيُّ

صَاحِبُ عَوَارِفِ الْمَعَارِفِ، عُمَرُ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ محمد بن حمويه (٢) ، وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ الْبِكْرِيُّ الْبَغْدَادِيُّ، شِهَابُ الدِّينِ أبو حفص السهروردي، شيخ الصوفية ببغداد، كان مِنْ كِبَارِ الصَّالِحِينَ وَسَادَاتِ الْمُسْلِمِينَ، وَتَرَدَّدَ فِي الرَّسْلِيَّةِ بَيْنَ الْخُلَفَاءِ وَالْمُلُوكِ مِرَارًا، وَحُصِّلَتْ لَهُ أَمْوَالٌ جَزِيلَةٌ فَفَرَّقَهَا بَيْنَ الْفُقَرَاءِ وَالْمُحْتَاجِينَ، وَقَدْ حَجَّ مَرَّةً وَفِي صُحْبَتِهِ خَلْقٌ مِنَ الْفُقَرَاءِ لا يعلمهم إلا الله عزوجل، وكانت فيه مروءة وإغاثة للملهوفين، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، وَكَانَ يَعِظُ النَّاسَ وَعَلَيْهِ ثِيَابُ الْبِذْلَةِ، قَالَ مرة في ميعاده هذا البيت وكرره: ما في الصحاب أخو وجد تطارحه * إلا محب له في الركب محبوب فقام شاب وكان في المجلس فأنشده: كأنما يوسف في كل راحلة * وله وفي كُلِّ بَيْتٍ مِنْهُ يَعْقُوبُ فَصَاحَ الشَّيْخُ وَنَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ وَقَصَدَ الشَّابَّ لِيَعْتَذِرَ إِلَيْهِ فَلَمْ يَجِدْهُ وَوَجَدَ مَكَانَهُ حُفْرَةً فِيهَا دَمٌ كَثِيرٌ مِنْ كَثْرَةِ مَا كَانَ يَفْحَصُ بِرِجْلَيْهِ عِنْدَ إنشاد الشيخ البيت.

وذكر له ابْنُ خَلِّكَانَ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً مِنْ أَنَاشِيدِهِ وَأَثْنَى عَلَيْهِ خَيْرًا، وَأَنَّهُ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ (٣) وَلَهُ ثَلَاثٌ وَتِسْعُونَ سَنَةً رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.

ابن الأثير مصنف أسد الغابة والكامل هُوَ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ عِزُّ الدِّينِ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الشَّيْبَانِيُّ الْجَزَرِيُّ الْمَوْصِلِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْأَثِيرِ مُصَنِّفُ كتاب أُسُد الْغَابَةِ فِي أَسْمَاءِ الصَّحَابَةِ، وَكِتَابِ الْكَامِلِ فِي التَّارِيخِ وَهُوَ مِنْ أَحْسَنِهَا حَوَادِثَ، ابْتَدَأَهُ مِنَ الْمُبْتَدَأِ إِلَى سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَقَدْ كان يتردد إلى بغداد خَصِيصًا عِنْدَ مُلُوكِ الْمَوْصِلِ، وَوَزَرَ لِبَعْضِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَأَقَامَ بِهَا فِي آخِرِ عُمْرِهِ مُوَقَّرًا مُعَظَّمًا إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ بِهَا فِي شعبان فِي هَذِهِ السَّنَةِ، عَنْ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً رَحِمَهُ الله.

وأما أخوه أَبُو السَّعَادَاتِ الْمُبَارَكُ فَهُوَ مُصَنِّفُ كِتَابِ جَامِعِ الْأُصُولِ وَغَيْرِهِ، وَأَخُوهُمَا الْوَزِيرُ ضِيَاءُ الدِّينِ أَبُو الْفَتْحِ نَصْرُ اللَّهِ كَانَ وَزِيرًا لِلْمَلِكِ الْأَفْضَلِ عَلِيِّ بْنِ النَّاصِرِ فَاتِحِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، صَاحِبِ دمشق كما


(١) في ابن خلكان: من نبأ.
(٢) ذكره ابن خلكان ٣ / ٤٤٦: عُمَرُ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عمويه.
(٣) في الوفيات المطبوع ٣ / ٤٤٨: توفي في مستهل المحرم ٦٣٢ ببغداد، ودفن من الغد بالوردية.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>