للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخرج نظام الملك مع السلطان من أصبهان قاصدا بغداد في مستهل رمضان من هذه السنة، فلما كان اليوم العاشر اجتاز في بعض طريقه بقرية بالقرب من نهاوند، وهو يسايره في محفة، فقال: قد قتل ههنا خلق من الصحابة زمن عمر، فطوبى لمن يكون عندهم (١)، فاتفق أنه لما أفطر جاءه صبي في هيئة مستغيث به ومعه قصة، فلما انتهى إليه ضربه بسكين في فؤاده وهرب، وعثر بطنب الخيمة فأخذ فقتل، ومكث الوزير ساعة، وجاءه السلطان يعوده فمات وهو عنده، وقد اتهم السلطان في أمره أنه هو الذي مالا عليه، فلم تطل مدته بعده سوى خمسة وثلاثين يوما، وكان في ذلك عبرة لأولي الألباب وكان قد عزم على إخراج الخليفة أيضا من بغداد، فما تم له ما عزم عليه، ولما بلغ أهل بغداد موت النظام حزنوا عليه، وجلس الوزير والرؤساء للعزاء ثلاثة أيام، ورثاه الشعراء بقصائد، منهم مقاتل بن عطية فقال:

كان الوزير نظام الملك لؤلؤة … يتيمة (٢) صاغها الرحمن من شرف

عزت فلم تعرف الأيام قيمتها … فردها غيرة منه إلى الصدف

وأثنى عليه غير واحد حتى ابن عقيل وابن الجوزي وغيرهما .

[عبد الباقي بن محمد بن الحسين]

ابن داود بن ياقيا (٣)، أبو القاسم الشاعر، من أهل الحريم الظاهري، ولد سنة عشر وأربعمائة، وكان ماهرا، وقد رماه بعضهم باعتقاد الأوائل، وأنكر أن يكون في السماء نهر من ماء أو نهر من لبن، أو نهر من خمر، أو نهر من عسل، يعني في الجنة، وما سقط من ذلك قطرة إلى الأرض إلا هذا الذي هو يخرب البيوت ويهدم الحيطان والسقوف، وهذا الكلام كفر من قائله، نقله عنه ابن الجوزي في المنتظم، وحكى بعضهم أنه وجد في كفنه مكتوبا حين مات هذين البيتين:

نزلت بجار لا يخيب ضيفه … أرجي نجاتي من عذاب جهنم

وإني على خوفي من الله واثق … بأنعامه والله أكرم منعم

[مالك بن أحمد بن علي]

ابن إبراهيم، أبو عبد الله البانياسي الشامي، وقد كان له اسم آخر سمته به أمه علي أبو الحسن


(١) في الوافي: " لمن كان منهم "، وفي وفيات الأعيان: " لمن كان معهم ".
(٢) في الروضتين: لؤلؤة ثمينة، وفي الوافي: نفيسة.
(٣) في الكامل ١٠/ ٢١٨: ناقيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>