للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويصبح كافرا، يبيع أقوام أخلاقهم ودينهم بعرض من الدنيا قليل ". وإن يزيد بن معاوية قد مات وأنتم إخواننا وأشقاؤنا فلا تسبقونا حتى نحتال لأنفسنا (١). وقد روى ابن عساكر من طريق ابن قتيبة عن العباس بن الفرج الرياشي عن يعقوب بن إسحاق بن ثوبة عن حماد بن زيد. قال: دخل الضحاك بن قيس على معاوية فقال معاوية منشدا له:

تطاولت للضحاك حتى رددته … إلى حسب في قومه متقاصر

فقال الضحاك: قد علم قومنا أنا أحلاس الخيل، فقال: صدقت، أنتم أحلاسها ونحن فرسانها يريد معاوية أنتم راضة وساسة، ونحن الفرسان -. ورأى أن أصل الكلمة من الحلس وهو كساء يكون تحت البرذعة أي أنه لازم ظهر الفرس كما يلزم الحلس ظهر البعير والدابة. وروى أن مؤذن دمشق قال للضحاك بن قيس: والله أيها الأمير إني لأحبك في الله. فقال له الضحاك: ولكني والله أبغضك في الله. قال: ولم أصلحك الله؟ قال: لأنك تتراءى في أذانك وتأخذ على تعليمك أجرا.

قتل الضحاك يوم مرج راهط وذلك للنصف من ذي الحجة سنة أربع وستين، قاله الليث بن سعد وأبو عبيد والواقدي وابن زير والمدائني.

[وفيها مقتل النعمان بن بشير الأنصاري]

وأمه عمرة بنت رواحة، كان النعمان أول مولود ولد بالمدينة بعد الهجرة للأنصار، في جمادى الأول (٢) سنة ثنتين من الهجرة، فأتت به أمه تحمله إلى النبي فحنكه وبشرها بأنه يعيش حميدا، ويقتل شهيدا، ويدخل الجنة، فعاش في خير وسعة، ولي نيابة الكوفة لمعاوية تسعة أشهر (٣)، ثم سكن الشام، وولي قضاءها بعد فضالة بن عبيد، وفضالة بعد أبي الدرداء. وناب بحمص لمعاوية، وهو الذي رد آل رسول الله إلى المدينة بأمر يزيد له في ذلك، وهو الذي أشار على يزيد بالاحسان إليهم فرق لهم يزيد وأحسن إليهم وأكرمهم، ثم لما كانت وقعة مروج راهط وقتل الضحاك بن قيس، وكان النعمان قد أمده بأهل حمص. فقتلوه بقرية يقال لها بيرين (٤)، قتله رجل يقال له خالد بن خلي (٥) المازني وقتل خلي بن داود وهو جد خالد بن خلي. وقد رثته ابنته


(١) أخرجه أحمد في مسنده ٢/ ٢٧٢، ٣/ ٤٥٣، ٤/ ٤١٦.
(٢) في الاستيعاب على هامش الإصابة ٣/ ٥٥١: في ربيع الآخر.
(٣) في الاستيعاب: سبعة أشهر.
(٤) في الاستيعاب: بيران، وفي المعارف: بين سلمية وحمص.
(٥) في الطبري ٧/ ٤٠ وسمط النجوم العوالي: عمرو بن الخلي، وفي مروج الذهب ٣/ ١٠٦ والاستيعاب: خالد بن عدي الكلاعي وفي الأثير: عمرو بن الجلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>