مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَغْرِبِيُّ حَجَّ عَلَى قَدَمَيْهِ سَبْعًا وَتِسْعِينَ حَجَّةً، وَكَانَ يَمْشِي فِي اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ حَافِيًا كَمَا يَمْشِي الرَّجُلُ فِي ضَوْءِ النَّهَارِ، وَكَانَ الْمُشَاةُ يَأْتَمُّونَ بِهِ فَيُرْشِدُهُمْ إِلَى الطَّرِيقِ، وَقَالَ: مَا رَأَيْتُ ظُلْمَةً مُنْذُ سِنِينَ كَثِيرَةٍ، وَكَانَتْ قَدَمَاهُ مَعَ كَثْرَةِ مَشْيِهِ كَأَنَّهُمَا قَدَمَا عَرُوسٍ مُتْرَفَةٍ، وَلَهُ كَلَامٌ مَلِيحٌ نَافِعٌ، وَلَمَّا مَاتَ أَوْصَى أَنْ يُدْفَنَ إِلَى جَانِبِ شَيْخِهِ عَلِيِّ بْنِ رَزِينٍ، فهما على جبل الطور.
قال أبو نعيم: كان أبو عبد الله المغربي من المعمرين، توفي عن مائة وعشرين سنة، وقبره بجبل طور سينا عند قبر أستاذه علي بن رزين.
قال أبو عبد الله: أفضل الأعمال عمارة الأوقاف (١) .
وقال: الفقير هو الذي لا يرجع إلى مستند في الكون غير الإلتجاء إلى من إليه فقره ليعينه بالاستعانة كما عزره بالافتقار إليه.
وقال: أعظم الناس ذلاً فقير داهن غنياً وتواضع له، وأعظم الناس عزاً غني تذلل لفقير أو حفظ حرمته.
مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ابْنُ الْحَافِظِ كَانَ أَبُوهُ يَسْتَعِينُ بِهِ فِي جَمْعِ التَّارِيخِ، وَكَانَ فَهِمًا حَاذِقًا حَافِظًا، تُوُفِّيَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنْهَا..مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ كَيْسَانَ النَّحْوِيُّ أَحَدُ حُفِّاظِهِ وَالْمُكْثِرِينَ مِنْهُ، كَانَ يَحْفَظُ طَرِيقَةَ الْبَصْرِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ مَعًا.
قَالَ ابْنُ مُجَاهِدٍ: كَانَ ابْنُ كَيْسَانَ أَنْحَى مِنَ الشَّيْخَيْنِ الْمُبَرِّدِ وَثَعْلَبٍ.
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى أَبُو سَعِيدٍ، سَكَنَ دِمَشْقَ، رَوَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الْجَوْهَرِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ، وَابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرِهِمْ، رَوَى عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ النَّقَّاشُ وَغَيْرُهُ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى هَذَا يُدْعَى بِحَامِلِ كَفَنِهِ، وَذَلِكَ
مَا ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ تُوُفِّيَ فَغُسِّلَ وَكُفِّنَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَدُفِنَ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ جَاءَ نَبَّاشٌ لِيَسْرِقَ كَفَنَهُ فَفَتَحَ عَلَيْهِ قَبْرَهُ.
فَلَمَّا حَلَّ عَنْهُ كَفَنُهُ اسْتَوَى جَالِسًا وَفَرَّ النَّبَّاشُ هَارِبًا مِنَ الْفَزَعِ، وَنَهَضَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى هَذَا فَأَخَذَ كَفَنَهُ مَعَهُ وَخَرَجَ مِنَ الْقَبْرِ وَقَصَدَ مَنْزِلَهُ فَوَجَدَ أَهْلَهُ يَبْكُونَ عَلَيْهِ، فَدَقَّ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَقَالُوا: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: أَنَا فُلَانٌ.
فَقَالُوا: يَا هَذَا لَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَزِيدَنَا حُزْنًا إِلَى حُزْنِنَا.
فقال: افتحوا
(١) في صفة الصفوة ٤ / ٣٣٦: أفضل الأعمال عمارة الاوقات في الموافقات (*) .