للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخذت خاتمي فألقيته في قبر رسول الله وقلت حين خرج القوم: إن خاتمي قد سقط في القبر، وإنما طرحته عمدا لامس رسول الله فأكون آخر الناس عهدا به. قال ابن إسحاق فحدثني والدي إسحاق بن يسار عن مقسم عن مولاه عن عبد الله بن الحارث. قال: اعتمرت مع علي فذكر ما تقدم. وهذا الذي ذكر عن المغيرة بن شعبة لا يقتضي أنه حصل له ما أمله فإنه قد يكون علي لم يمكنه من النزول في القبر بل أمر غيره فناوله إياه، وعلى ما تقدم يكون الذي أمره بمناولته له قثم بن عباس. وقد قال الواقدي: حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة. قال: ألقى المغيرة بن شعبة خاتمه في قبر رسول الله . فقال علي: إنما ألقيته لتقول نزلت في قبر النبي فنزل فأعطاه أو أمر رجلا فأعطاه (١). وقد قال الإمام أحمد: حدثنا بهز وأبو كامل. قالا: ثنا حماد بن سلمة، عن أبي عمران الجوني عن أبي عسيب (٢) أو أبي غنم قال بهز: إنه شهد الصلاة على النبي قالوا: كيف نصلي؟ قال: ادخلوا أرسالا أرسال، فكانوا يدخلون من هذا الباب فيصلون عليه ثم يخرجون من الباب الآخر، قال فلما وضع في لحده قال المغيرة: قد بقي من رجليه شئ لم تصلحوه قالوا: فادخل فأصلحه فدخل وأدخل يده فمس قدميه . فقال: أهيلوا علي التراب فأهالوا عليه حتى بلغ إلى أنصاف ساقيه ثم خرج. فكان يقول: أنا أحدثكم عهدا برسول الله .

[متى وقع دفنه ]

وقال يونس عن ابن إسحاق: حدثتني فاطمة بنت محمد (٣) امرأة عبد الله بن أبي بكر وأدخلني عليها حتى سمعته منها من عمرة عن عائشة. إنها قالت: ما علمنا بدفن النبي حتى سمعنا صوت المساحي في جوف ليلة الأربعاء. وقال الواقدي حدثنا ابن أبي سبرة، عن الحليس بن هشام، عن عبد الله بن وهب، عن أم سلمة. قالت بينا نحن مجتمعون نبكي لم ننم ورسول الله في بيوتنا ونحن نتسلى برؤيته على السرير، إذا سمعنا صوت الكرازين (٤) في السحر. قالت أم سلمة: فصحنا وصاح أهل المسجد فارتجت المدينة صيحة واحدة، وأذن بلال بالفجر، فلما ذكر النبي وبكى وانتحب، فزادنا حزن، وعالج الناس الدخول إلى قبره فغلق دونهم، فيا لها من مصيبة ما أصبنا بعدها بمصيبة إلا هانت إذا ذكرنا مصيبتنا به . وقد روى الإمام أحمد: من حديث محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه عن عائشة: أن رسول الله توفي يوم الاثنين ودفن ليلة الأربعاء وقد تقدم مثله في غير ما حديث. وهو الذي نص عليه غير واحد من الأئمة سلفا وخلفا،


(١) في رواية لابن سعد قال: أمر علي ابنه الحسن فدخل فناول المغيرة خاتمه. (٢/ ٣٠٢).
(٢) في ابن سعد: أبو عسيم ٢/ ٣٠٢.
(٣) في ابن هشام: فاطمة بنت عمارة، عن عمرة بنت عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة.
(٤) الكرازين جمع كرزين وهو الفأس الكبيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>