للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَاحِبِ الدَّيْلَمِ وَسُلْطَانِهِمْ مَرْدَاوِيجَ الْمُجْرِمِ قَبَّحَهُ اللَّهُ.

وفيها توفي مِنَ الْأَعْيَانِ..بُنَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ بْنِ سَعِيدٍ أَبُو الْحَسَنِ الزَّاهِدِ، وَيُعْرَفُ بِالْحَمَّالِ، وكانت له كرامات كثيرة، وله منزلة كَبِيرَةٌ عِنْدَ النَّاسِ، وَكَانَ لَا يَقْبَلُ مِنَ السُّلْطَانِ شَيْئًا، وَقَدْ أَنْكَرَ يَوْمًا عَلَى ابْنِ طُولُونَ شَيْئًا مِنَ الْمُنْكَرَاتِ وَأَمَرَهُ بِالْمَعْرُوفِ، فَأَمَرَ بِهِ فأُلقي بَيْنَ يَدَيِ الْأَسَدِ فَكَانَ الْأَسَدُ يشمه ويحجم عنه، فأمر برفعه من بين يديه وعظمه الناس جداً، وسأله بعض الناس عن حاله حين كان بين يدي الأسد فقال له: لَمْ يَكُنْ عَلَيَّ بَأْسٌ.

قَدْ كُنْتُ أُفَكِّرُ في سؤر السباع واختلاف العلماء فيه هل هو طَاهِرٌ أَمْ نَجِسٌ.

قَالُوا: وَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ لِي عَلَى رَجُلٍ مِائَةَ دِينَارٍ، وَقَدْ ذَهَبَتِ الْوَثِيقَةُ، وَأَنَا أَخْشَى أَنْ يُنْكِرَ الرجل، فأسألك أن تدعو لي بأن يرد الله عليّ الوثيقة.

فقال بنان: إني رجل قد كبرت سني ورق عظمي، وَأَنَا أُحِبُّ الْحَلْوَاءَ، فَاذْهَبْ فَاشْتَرِ لِي مِنْهَا رَطْلًا وَأْتِنِي بِهِ حَتَّى أَدْعُوَ لَكَ.

فَذَهَبَ الرجل فاشترى الرطل ثم جاء به إليه فَفَتَحَ الْوَرَقَةَ الَّتِي فِيهَا الْحَلْوَاءَ فَإِذَا هِيَ حجته بالمائة دينار.

فقال له: أهذه حجتك؟

قال: نعم.

قال: خذ حجتك وَخُذِ الْحَلْوَاءَ فَأَطْعِمْهَا صِبْيَانَكَ.

وَلَمَّا تُوُفِّيَ خَرَجَ أهل مصر في جنازته تعظيماً له وإكراماً لشأنه.

وفيها توفي محمد بْنُ عَقِيلٍ الْبَلْخِيُّ (١) .

وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي داود السَّجستانيّ الحافظ بن الحافظ.

وَأَبُو عَوَانَةَ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الأسفرائيني، صاحب الصحيح المستخرج على مُسْلِمٍ، وَقَدْ كَانَ مِنَ الْحُفَّاظِ الْمُكْثِرِينَ، وَالْأَئِمَّةِ المشهورين.

ونصر الحاجب، كَانَ مِنْ خِيَارِ الْأُمَرَاءِ، دَيِّنًا عَاقِلًا، أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ فِي حَرْبِ الْقَرَامِطَةِ مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ.

وَخَرَجَ بِنَفْسِهِ مُحْتَسِبًا فَمَاتَ فِي أَثْنَاءِ الطريق في هذه السنة.

وكان حاجبا للخليفة المقتدر.

ثم دخلت سنة سبع عشرة وثلاثمائة فِيهَا كَانَ خَلْعُ الْمُقْتَدِرِ وَتَوْلِيَةُ الْقَاهِرِ مُحَمَّدِ بن المعتضد بالله: في المحرم منها اشتدت الوحشة بين مؤنس الخادم والمقتدر بالله، وَتَفَاقَمَ الْحَالُ وَآلَ إِلَى أَنِ اجْتَمَعُوا عَلَى خَلْعُ الْمُقْتَدِرِ وَتَوْلِيَةُ الْقَاهِرِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُعْتَضِدِ، فَبَايَعُوهُ بِالْخِلَافَةِ وَسَلَّمُوا عَلَيْهِ بِهَا، وَلَقَّبُوهُ الْقَاهِرَ بالله.

وذلك ليلة السبت النصف من المحرم، وقلد عَلِيِّ بْنُ مُقْلَةَ وِزَارَتَهُ، وَنُهِبَتْ دَارُ الْمُقْتَدِرِ، وأخذوا منها شيئاً كثيراً جداً،


(١) أبو عبد الله الازهري البلخي شيخ بلخ ومحدثها سمع علي بن خشرم وعباد بن الوليد الغبري وطبقتهما.
كان حسن الحديث (الوافي ٤ / ٩٧) (*) .

<<  <  ج: ص:  >  >>