للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معك من المهاجرين من لهم قرابات [بمكة] يحمون بها أهليهم وأموالهم، فأحببت إذا فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يدا يحمون [بها] قرابتي، ولم أفعله ارتدادا عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الاسلام، فقال رسول الله " أما إنه قد صدقكم " فقال عمر: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق؟ فقال " إنه قد شهد بدرا وما يدريك لعل الله قد اطلع على من شهد بدرا فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " (١) فأنزل الله سورة (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء) إلى قوله (فقد ضل سواء السبيل) وأخرجه بقية الجماعة إلا ابن ماجة من حديث سفيان بن عيينة. وقال الترمذي حسن صحيح. وقال الإمام أحمد ثنا حجين ويونس قالا: حدثنا ليث بن سعد، عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله: أن حاطب بن أبي بلتعة كتب إلى أهل مكة يذكر أن رسول الله أراد غزوهم، فدل رسول الله على المرأة التي معها الكتاب فأرسل إليها، فأخذ كتابها من رأسها وقال " يا حاطب أفعلت؟ " قال نعم، قال أما إني لم أفعله غشا لرسول الله ولا نفاقا. قد علمت أن الله مظهر رسوله ومتم له أمره غير أني كنت غريبا بين ظهرانيهم وكانت والدتي معهم فأردت أن أتخذ يدا عندهم، فقال له عمر: ألا أضرب رأس هذا؟ فقال " أتقتل رجلا من أهل بدر وما يدريك لعل الله قد اطلع إلى أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم " (٢). تفرد بهذا الحديث من هذا الوجه الإمام أحمد وإسناده على شرط مسلم ولله الحمد.

[فصل]

قال ابن إسحاق: فحدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله ابن عتبة عن ابن عباس قال: ثم مضى رسول الله لسفره، واستخلف على المدينة أبا رهم، كلثوم بن حصين بن عتبة بن خلف الغفاري (٣)، وخرج لعشر مضين من شهر رمضان فصام وصام الناس معه، حتى إذا كان بالكديد (٤) بين عسفان وأمج أفطر، ثم مضى حتى نزل من الظهران في عشرة آلاف من المسلمين، وقال عروة بن الزبير: كان معه اثنا عشر ألفا. وكذا قال الزهري وموسى بن عقبة، فسبعت سليم، وبعضهم يقول ألفت سليم، وألفت مزينة. وفي كل القبائل عدد وإسلام، وأوعب مع رسول الله المهاجرون والأنصار، فلم يتخلف عنه منهم


(١) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد - باب الجاسوس (ح: ٣٠٠٧) وفي تفسير سورة الممتحنة (ح: ٤٨٩٠) وفي كتاب المغازي (٤٦) باب. وأخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة ٣٦ باب (ح: ١٦١). وأبو داود في الجهاد، والترمذي في تفسير سورة الممتحنة، وأبو يعلى والحاكم وعبد بن حميد والواقدي وابن مردويه.
(٢) مسند الإمام أحمد ج ١/ ٧٩.
(٣) في ابن سعد: عبد الله بن أم مكتوم.
(٤) الكديد: موضع بين مكة والمدينة بين منزلتي أمج وعسفان، وهو اسم ماء، وهو أقرب إلى مكة من عسفان.

<<  <  ج: ص:  >  >>