للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ابنه الآمر منصور، ثم ابن عمه الحافظ عبد المجيد، ثم ابنه الظافر إسماعيل، ثم الفائز عيسى، ثم ابن عمه العاضد عبد الله وَهُوَ آخِرُهُمْ، فَجُمْلَتُهُمْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَلِكًا، وَمُدَّتَهُمْ مِائَتَانِ وَنَيِّفٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً، وَكَذَلِكَ عِدَّةُ خُلَفَاءِ بَنَى أُمَيَّةَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَيْضًا، وَلَكِنْ كَانَتْ مدتهم نيفاً وثمانين سنة، وقد نظمت أسماء هؤلاء وهؤلاء بأرجوز تَابِعَةٍ لِأُرْجُوزَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ عِنْدَ انْقِضَاءِ دَوْلَتِهِمْ بِبَغْدَادَ، فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وستَّمائة، كَمَا سيأتي.

وقد كان الفاطميون أغنى الخلفاء وأكثرهم مالاً، وكانوا من أغنى الْخُلَفَاءِ وَأَجْبَرِهِمْ وَأَظْلِمِهِمْ، وَأَنْجَسِ الْمُلُوكِ سِيرَةً، وَأَخْبَثِهِمْ سَرِيرَةً، ظَهَرَتْ فِي دَوْلَتِهِمُ الْبِدَعُ وَالْمُنْكَرَاتُ وَكَثُرَ أَهْلُ الْفَسَادِ وَقَلَّ عِنْدَهُمُ الصَّالِحُونَ مِنَ الْعُلَمَاءِ والعباد، وكثر بأرض الشام النصرانية وَالدَّرْزِيَّةُ وَالْحُشَيْشِيَّةُ، وَتَغَلَّبَ الْفِرِنْجُ عَلَى سَوَاحِلِ الشَّامِ بِكَمَالِهِ، حَتَّى أَخَذُوا الْقُدْسَ وَنَابُلُسَ وَعَجْلُونَ وَالْغُورَ وَبِلَادَ غَزَّةَ وَعَسْقَلَانَ وَكَرَكَ الشَّوْبَكِ وَطَبَرِيَّةَ وَبَانِيَاسَ وصور وعكا وصيدا وبيروت وصفد طرابلس وَأَنْطَاكِيَةَ وَجَمِيعَ مَا وَالَى ذَلِكَ، إِلَى بِلَادِ آيَاسَ وَسِيسَ، وَاسْتَحْوَذُوا عَلَى بِلَادِ آمِدَ وَالرُّهَا وَرَأْسِ الْعَيْنِ وَبِلَادٍ شَتَّى غَيْرِ ذَلِكَ، وَقَتَلُوا من المسلمين خلقاً وأمماً لا يحصيهم إِلَّا اللَّهُ، وَسَبَوْا ذَرَارِيَّ الْمُسْلِمِينَ مِنَ النِّسَاءِ والولدان مما لا يحد ولا يوصف، وكل هذه البلاد كانت الصحابة قد فتحوها وصارت دار إسلام، وأخذوا من أموال المسلمين مَا لَا يُحَدُّ وَلَا يُوصَفُ، وَكَادُوا أَنْ يتغلبوا على دمشق وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ، وَحِينَ زَالَتْ أَيَّامُهُمْ وَانْتَقَضَ إِبْرَامُهُمْ أَعَادَ اللَّهُ عزوجل هذه البلاد كلها إلى المسلمين بحوله وقوته وجوده ورحمته، وقد قال الشاعر المعروف عرقلة: أَصْبَحَ الْمُلْكُ بَعْدَ آلِ عَلِيٍّ * مُشْرِقًا بِالْمُلُوكِ من آل شادي وغدا الشرق يحسد الغر * ب للقوم فمصر تزهو على بغداد ما حووها إلا بعزم وحزم * وصليل الفولاذ في الأكباد لا كفرعون والعزيز ومن * كان بها كالخطيب والأستاد (١) قال أبو شامة: يعني بالأستاد كأنه نور الأخشيدي، وقوله آل علي يعني الفاطميين على زعمهم ولم يكونوا فاطميين، وإنما كانوا يُنْسَبُونَ إِلَى عُبَيْدٍ، وَكَانَ اسْمُهُ سَعِيدًا، وَكَانَ يَهُودِيًّا حَدَّادًا بِسَلَمْيَةَ،

ثمَّ ذَكَرَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ فِيهِمْ وَطَعْنِهِمْ فِي نَسَبِهِمْ.

قال: وقد استقصيت الكلام فِي مُخْتَصَرِ تَارِيخِ دِمَشْقَ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ الرحمن بْنِ إِلْيَاسَ، ثُمَّ ذَكَرَ فِي الرَّوْضَتَيْنِ (٢) فِي هذا الموضع أشياء كثيرة في غضون ما سقته مِنْ قَبَائِحِهِمْ، وَمَا كَانُوا يَجْهَرُونَ بِهِ فِي بعض الأحيان من الكفريات، وقد تقدم من ذلك شئ كثير في تراجمهم، قَالَ أَبُو شَامَةَ: وَقَدْ أَفْرَدْتُ كِتَابًا سَمَّيْتُهُ " كَشْفَ مَا كَانَ عَلَيْهِ بَنُو عُبَيْدٍ مِنَ


(١) الابيات في الروضتين ١ / ٢ / ٥٠٩ وقافيتها بالذال.
وانظر الخريدة قسم شعراء الشام ١ / ٣٠٢.
وفي الروضتين الخصيب بدل الخطيب، والخصيب هو الخصيب بن عبد الحميد والي خراج مصر زمن الرشيد وإليه تنسب منية ابن خصيب.
(٢) انظر الروضتين ١ / ٢ / ٥١٠ وما بعدها.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>