للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.

قَالَ تَعَالَى * (وَمَا مُحَمَّدٌ إلا رسول الله قد خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) * الْآيَةَ فَقَالَ عُمَرُ: هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْقُرْآنِ؟ والله ما علمت أن هذه الآية نزلت قَبْلَ الْيَوْمِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم: * (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) * [الزمر: ٣٠] وقال الله تعالى: * (كل شئ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) * [الرحمن: ٢٦ - ٢٧] وَقَالَ تَعَالَى: * (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) * [القصص: ٨٨] وقال: * (كُلُّ نَفْسٍ ذائقة الموت إنما تُوَفَّوْنَ

أُجُورَكُمْ يَوْمَ القيامة) * [آل عمران: ١٤٤] وقال: إِنَّ اللَّهَ عمَّر مُحَمَّدًا صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبْقَاهُ حتَّى أَقَامَ دِينَ اللَّهِ، وَأَظْهَرَ أَمْرَ اللَّهِ وبلَّغ رِسَالَةَ اللَّهِ، وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثمَّ تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ تَرَكَكُمْ عَلَى الطَّرِيقَةِ فَلَنْ يَهْلِكَ هَالِكٌ إِلَّا مِنْ بَعْدِ الْبَيِّنَةِ وَالشِّفَاءِ فَمَنْ كَانَ اللَّهُ رَبَّهُ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا وَيُنَزِّلُهُ إِلَهًا فَقَدْ هَلَكَ إِلَهُهُ.

فَاتَّقُوا اللَّهَ أَيُّهَا النَّاس، وَاعْتَصِمُوا بِدِينِكُمْ وَتَوَكَّلُوا عَلَى رَبِّكُمْ، فَإِنَّ دِينَ اللَّهِ قَائِمٌ، وَإِنَّ كَلِمَةَ اللَّهِ تَامَّةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ نَاصِرٌ مَنْ نَصَرَهُ وَمُعِزٌّ دِينَهُ، وَإِنَّ كِتَابَ اللَّهِ بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَهُوَ النُّورُ وَالشِّفَاءُ.

وَبِهِ هَدَى اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَفِيهِ حَلَالُ اللَّهِ وَحَرَامُهُ، وَاللَّهِ لَا نُبَالِي مَنْ أَجْلَبَ عَلَيْنَا مِنْ خَلْقِ اللَّهِ، إِنَّ سُيُوفَ اللَّهِ لَمَسْلُولَةٌ، مَا وَضَعْنَاهَا بَعْدُ وَلَنُجَاهِدَنَّ مَنْ خَالَفَنَا كَمَا جَاهَدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم فلا يبغينَّ أحد إلا على نفسه.

ثم انصرف مَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ، إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي غُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَدَفْنِهِ (١) .

قُلْتُ كَمَا سَنَذْكُرُهُ مُفَصَّلًا بِدَلَائِلِهِ وَشَوَاهِدِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ عَنْ شُيُوخِهِ.

قَالُوا: وَلَمَّا شكَّ فِي مَوْتِ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فَقَالَ بَعْضُهُمْ مَاتَ! وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَمْ يَمُتْ، وَضَعَتْ أسماء بنت عميس يدها على كَتِفَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم فَقَالَتْ: قَدْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم وَقَدْ رُفِعَ الْخَاتَمُ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ، فَكَانَ هَذَا الَّذِي قَدْ عُرِفَ بِهِ موته.

هكذا أَوْرَدَهُ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِهِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ (٢) مِنْ طريق الواقدي وهو ضعيف وشيوخه لم يسمون ثُمَّ هُوَ مُنْقَطِعٌ بِكُلِّ حَالٍ وَمُخَالِفٌ لِمَا صح وفيه غرابة شديدة، وهو رفع لخاتم فَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

وَقَدْ ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ وَغَيْرُهُ فِي الْوَفَاةِ أَخْبَارًا كَثِيرَةً فِيهَا نَكَارَاتٌ وَغَرَابَةٌ شَدِيدَةٌ أَضْرَبْنَا عَنْ أَكْثَرِهَا صَفْحًا لِضَعْفِ أَسَانِيدِهَا وَنَكَارَةِ مُتُونِهَا وَلَا سِيَّمَا مَا يُورِدُهُ كَثِيرٌ مِنَ الْقُصَّاصِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَغَيْرُهُمْ فَكَثِيرٌ مِنْهُ مَوْضُوعٌ لا محالة وفي الأحاديث الصحيحة والحسنة المروية في الكتب المشهورة غِنْيَة عن الأكاذيب ومالا يُعْرَفُ سَنَدُهُ.

وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أمور مهمة وَقَعَتْ بَعْدَ وَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم وقبل دفنه وَمِنْ أَعْظَمِهَا وَأَجَلِّهَا وَأَيْمَنِهَا بَرَكَةً عَلَى الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عنه


(١) رواه البيهقي في الدلائل ج ٧ / ٢١٧ - ٢١٨.
(٢) دلائل النبوة ج ٧ / ٢١٩.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>