للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ، وَأَصْلُهُ مِنْ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الرَّيِّ (١) قَالَهُ ابْنُ جَرِيرٍ.

قَالَ: وَقَدْ خَرَجَ أَيْضًا فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ ومائتين بالنجدين فَادَّعَى أَنَّهُ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ بن الحسن (٢) بن عبيد اللَّهِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَدَعَا النَّاسَ بِهَجَرَ إِلَى طَاعَتِهِ فَاتَّبَعَهُ جماعة من أهل هجر، ووقع بِسَبَبِهِ قِتَالٌ كَثِيرٌ وَفِتَنٌ كِبَارٌ، وَحُرُوبٌ كَثِيرَةٌ، وَلَمَّا خَرَجَ خَرْجَتَهُ هَذِهِ الثَّانِيَةَ بِظَاهِرِ الْبَصْرَةِ التف عليه خلق من

الزنج الذين يَكْسَحُونَ السِّبَاخَ، فَعَبَرَ بِهِمْ دِجْلَةَ فَنَزَلَ الدِّينَارِيَّ، وكان يزعم لبعض من معه أَنَّهُ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ أَبُو الْحُسَيْنِ الْمَقْتُولُ بناحية الكوفة، وكان يدعي أنه يحفظ سُوَرًا مِنَ الْقُرْآنِ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ جَرَى بِهَا لِسَانُهُ لَا يَحْفَظُهَا غَيْرُهُ فِي مُدَّةٍ دهر طويل، وهن سبحان والكهف وص وعم.

وزعم أنه فَكَّرَ يَوْمًا وَهُوَ فِي الْبَادِيَةِ إِلَى أَيِّ بلد يسير فَخُوطِبَ مِنْ سَحَابَةٍ أَنْ يَقْصِدَ الْبَصْرَةَ فَقَصَدَهَا، فلما اقترب منها وجد أهلها متفرقين عَلَى شُعْبَتَيْنِ، سَعْدِيَّةٍ وَبِلَالِيَّةٍ، فَطَمِعَ أَنْ يَنْضَمَّ إلى إِحْدَاهُمَا فَيَسْتَعِينَ بِهَا عَلَى الْأُخْرَى فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ، فَارْتَحَلَ إِلَى بَغْدَادَ فَأَقَامَ بِهَا سَنَةً وَانْتَسَبَ بِهَا إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى بْنِ زَيْدٍ، وَكَانَ يَزْعُمُ بِهَا أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي ضَمَائِرِ أَصْحَابِهِ، وَأَنَّ اللَّهَ يُعْلِمُهُ بِذَلِكَ، فَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَهَلَةٌ من الطغام، وطائفة من الرعاع الْعَوَامِّ.

ثُمَّ عَادَ إِلَى أَرْضِ الْبَصْرَةِ فِي رمضان فَاجْتَمَعَ مَعَهُ بَشَرٌ كَثِيرٌ وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ عُدَدٌ يُقَاتِلُونَ بِهَا فَأَتَاهُمْ جَيْشٌ مِنْ ناحية البصرة فاقتتلوا جميعاً، ولم يَكُنْ فِي جَيْشِ هَذَا الْخَارِجِيِّ سِوَى ثَلَاثَةِ أَسْيَافٍ، وَأُولَئِكَ الْجَيْشُ مَعَهُمْ عُدَدٌ وَعَدَدٌ وَلَبُوسٌ، وَمَعَ هَذَا هَزَمَ أَصْحَابُ هَذَا الْخَارِجِيِّ ذَلِكَ الجيش، وكانوا أَرْبَعَةِ آلَافِ مُقَاتِلٍ، ثُمَّ مَضَى نَحْوَ الْبَصْرَةِ بِمَنْ مَعَهُ فَأَهْدَى لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ جبى فَرَسًا فَلَمْ يَجِدْ لَهَا سَرْجًا وَلَا لِجَامًا، وإنما ألقى عليها حبلاً وركبها وسنف حنكها بليف، ثم صادر رجلاً وتهدده بِالْقَتْلِ فَأَخَذَ مِنْهُ مِائَةً وَخَمْسِينَ دِينَارًا وَأَلْفَ درهم، وكان هذا أول مال نهبه مِنْ هَذِهِ الْبِلَادِ، وَأَخَذَ مِنْ آخَرَ ثَلَاثَةَ براذين، ومن موضع آخر شيئاً من الأسلحة والأمتعة، ثم سار في جيش قليل السلاح والخيول، ثم جرت بينه وبين نَائِبِ الْبَصْرَةِ وَقْعَاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ يَهْزِمُهُمْ فِيهَا وَكُلُّ ما لأمره يقوى وتزداد أصحابه ويعظم أمره ويكثر جَيْشُهُ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ لَا يَتَعَرَّضُ لِأَمْوَالِ الناس ولا يؤذي أحداً، وَإِنَّمَا يُرِيدُ أَخْذَ أَمْوَالِ السُّلْطَانِ.

وَقَدِ انْهَزَمَ أصحابه في بعض حروبه هزيمة عظيمة ثُمَّ تَرَاجَعُوا إِلَيْهِ وَاجْتَمَعُوا حَوْلَهُ، ثُمَّ كَرُّوا على أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَهَزَمُوهُمْ وَقَتَلُوا مِنْهُمْ خَلْقًا وَأَسَرُوا آخرين، وكان لا يؤتى بأسير إلا قتله ثم قوي أمره وَخَافَهُ أَهْلُ الْبَصْرَةِ، وَبَعَثَ الْخَلِيفَةُ إِلَيْهَا مَدَدًا ليقاتلوا هذا الخارجي وهو صاحب الزنج قبحه الله، ثم أشار عليه بعض أصحابه أن يهجم بمن معه على الْبَصْرَةِ فَيَدْخُلُونَهَا عَنْوَةً فَهَجَّنَ آرَاءَهُمْ وَقَالَ: بَلْ نكون منا قَرِيبًا حَتَّى يَكُونُوا هُمُ الَّذِينَ يَطْلُبُونَنَا إِلَيْهَا وَيَخْطُبُونَنَا عَلَيْهَا وَسَيَأْتِي مَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَأَمْرِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فِي السَّنَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ إِنْ شاء الله.

وفيها حج بالناس علي بن

الحسين (٣) بن إسماعيل بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ.


(١) في الطبري ومروج الذهب والطبري: وهي: ورزنين، وقال ياقوت: هي من أعيان قرى الري كالمدينة.
(٢) من الطبري ١١ / ١٧٤ وفي الاصل: الحسين بن عبد الله.
(٣) في الطبري ١١ / ١٩١ ومروج الذهب ٤ / ٤٥٨: الحسن.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>