للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول: هذا فلان الشاعر فيأمره فينشد. حتى كان من آخرهم ابن هرمة هذا، فسمعته يقول: لا

مرحبا ولا أهلا ولا أنعم الله بك عينا. قال: فقلت: هلكت، ثم استنشدني فأنشدته قصيدتي التي

أقول فيها:

سرى ثوبه عند الصبا المتجابل (١) … وقرب للبين الخليط المزايل

حتى انتهيت إلى قولي:

فأما الذي أمنته يأمن الردى … وأما الذي حاولت بالثكل ثاكل

قال: فأمر برفع الحجاب فإذا وجهه كأنه فلقة قمر، فاستنشدني بقية القصيدة وأمر لي بالقرب بين يديه، والجلوس إليه، ثم قال: ويحك يا إبراهيم! لولا ذنوب بلغتني عنك لفضلتك على أصحابك، فقلت: يا أمير المؤمنين كل ذنب بلغك عني لم تعف عنه فأنا مقر به. قال: فتناول المخصرة فضربني بها ضربتين وأمر لي بعشرة آلاف وخلعة وعفا عني وألحقني بنظرائي. وكان من جملة ما نقم المنصور عليه قوله:

ومهما الام (٢) على حبهم … فإني أحب بني فاطمة

بني بنت من جاء بالمحكمات … وبالدين وبالسنة القائمة

فلست أبالي بحبي لهم … سواهم من النعم السائمة

قال الأخفش. قال لنا ثعلب قال الأصمعي: ختمت الشعراء بابن هرمة. ذكر وفاته في هذه السنة أبو الفرج ابن الجوزي (٣). وفيها توفي الجراح بن مليح والد وكيع بن الجراح، وسعيد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن جميل أبو عبد الله المديني، ولي قضاء بغداد سبع عشرة سنة لعسكر المهدي، وثقه ابن معين وغيره. وفيها توفي:

[صالح بن بشير المري]

أحد العباد والزهاد، كان كثير البكاء وكان يعظ فيحضر مجلسه سفيان الثوري وغيره من العلماء، ويقول: سفيان هذا نذير قوم، وقد استدعاه المهدي ليحضر عنده فجاء إليه راكبا على حمار فدنا من بساط الخليفة وهو راكب فأمر الخليفة ابنيه - وليي العهد من بعده موسى الهادي وهارون


(١) كذا بالأصل ولعل فيه تحريفا.
(٢) لم يجزم الفعل هنا، وهو شاذ لضرورات الشعر.
(٣) في خزانة الأدب ١/ ٤٢٥: مات في خلافة الرشيد بعد الخمسين ومائة تقريبا. وقال في الذريعة ١/ ٣١٤: وفي سنتي ولادته ووفاته خلاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>