للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكنا نحاذر من بنيه … بني العلات مأثرة سماما

ونخشى إن جعلت الملك فيهم … سحابا أن تعود لهم جهاما

فلا يك ما حلبت غدا لقوم … وبعد غد بنوك هم العياما

فأقسم لو تخطاني عصام … بذلك ما عذرت به عصاما

ولو إني حبوت أخا بفضل … أريد به المقالة والمقاما

لعقب في بني على بنيه … كذلك أو لرمت له مراما

فمن يك في أقاربه صدوع … فصدع الملك أبطؤه التئاما

قال: فهاجه ذلك على أن كتب لأخيه يستنزله عن الخلافة للوليد فأبى عليه، وقدر الله سبحانه موت عبد العزيز قبل موت عبد الملك بعام واحد، فتمكن حينئذ مما أراد من بيعة الوليد وسليمان والله أعلم.

[بيعة عبد الملك لولده الوليد ثم من بعده لولده سليمان]

وكان ذلك في هذه السنة بعد موت عبد العزيز بن مروان، بويع له بدمشق ثم في سائر الأقاليم ثم لسليمان من بعده، ثم لما انتهت البيعة إلى المدينة امتنع سعيد بن المسيب أن يبايع في حياة عبد الملك لاحد، فأمر به هشام بن إسماعيل نائب المدينة فضربه ستين سوطا، وألبسه ثيابا من شعر وأركبه جملا وطاف به في المدينة، ثم أمر به فذهبوا به إلى ثنية ذباب - وهي الثنية التي كانوا يصلون عندها ويقيلون - فلما وصلوا إليها ردوه إلى المدينة فأودعوه السجن، فقال لهم: والله لو أعلم أنكم لا تقتلوني لم أليس هذا الثياب. ثم كتب هشام بن إسماعيل المخزومي إلى عبد الملك يعلمه بمخالفة سعيد في ذلك، فكتب إليه يعنفه في ذلك ويأمره باخراجه ويقول له: إن سعيدا كان أحق منك بصلة الرحم مما فعلت به، وإنا لنعلم أن سعيدا ليس عنده شقاق ولا خلاف، ويروى أنه قال له: ما ينبغي إلا أن يبايع، فإن لم يبايع ضربت عنقه أو خليت سبيله. وذكر الواقدي أن سعيدا لما جاءت بيعة الوليد (١) امتنع من البيعة فضربه نائبها في ذلك الوقت - وهو جابر بن الأسود بن عوف - ستين سوطا أيضا وسجنه فالله أعلم.

قال أبو مخنف وأبو معشر والواقدي: وحج بالناس في هذه السنة هشام بن إسماعيل المخزومي نائب المدينة، وكان على العراق والمشرق بكماله الحجاج، قال شيخنا الحافظ الذهبي: وتوفي في هذه السنة أبان بن عثمان بن عفان أمير المدينة، كان من فقهاء المدينة العشرة، قاله يحيى بن القطان.


(١) في الطبري ٨/ ٥٦ وابن الأثير ٤/ ٥١٥: لما جاءت بيعة عبد الله بن الزبير، ولعل اقحام اسم الوليد سهو من الناسخ، لان جابر بن الأسود كان على المدينة من قبل ابن الزبير وكان قد دعا الناس إلى بيعته.

<<  <  ج: ص:  >  >>