للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفسيره. وهذا إسناد صحيح إلى شعبة وبعده. قالوا والقدر المشترك بين الثلاث نسوة، آسية ومريم وخديجة أن كلا منهن كفلت نبيا مرسلا وأحسنت الصحبة في كفالتها وصدقته فآسية ربت موسى وأحسنت إليه وصدقته حين بعث، ومريم كفلت ولدها أتم كفالة وأعظمها وصدقته حين أرسل. وخديجة رغبت في تزويج رسول الله بها وبذلت في ذلك أموالها كما تقدم وصدقته حين نزل عليه الوحي من الله ﷿. وقوله: " وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام " هو ثابت في الصحيحين من طريق شعبة أيضا عن عمرو بن مرة عن مرة الطيب الهمداني عن أبي موسى الأشعري. قال قال رسول الله : " كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون. ومريم بنت عمران، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام " والثريد هو الخبز واللحم جميعا وهو أفخر طعام العرب كما قال بعض الشعراء:

إذا ما الخبز تأدمه بلحم … فذاك، أمانة الله الثريد

ويحمل قوله " وفضل عائشة على النساء " أن يكون محفوظا فيعم النساء المذكورات وغيرهن، ويحتمل أن يكون عاما فيما عداهن ويبقى الكلام فيها وفيهن موقوف يحتمل التسوية بينهن فيحتاج من رجح واحدة منهن على غيرها إلى دليل من خارج والله أعلم.

فصل في تزويجه بعد خديجة [بعائشة بنت الصديق وسودة بنت زمعة ] (١)

والصحيح أن عائشة تزوجها أولا كما سيأتي. قال البخاري في باب تزويج عائشة … حدثنا معلى بن أسد حدثنا وهيب عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي قال لها: " أريتك في المنام مرتين، أرى أنك في سرقة من حرير، ويقول هذه امرأتك. فاكشف عنها فإذا هي أنت، فأقول إن كان هذا (٢) من عند الله يمضه " قال البخاري باب نكاح الأبكار. وقال ابن أبي مليكة قال ابن عباس لعائشة: لم ينكح النبي بكرا غيرك … حدثنا إسماعيل بن عبد الله، حدثني أخي عن سليمان بن بلال، عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة قالت: قلت يا رسول الله: أرأيت لو نزلت واديا وفيه شجرة قد أكل منها، ووجدت شجرة لم يؤكل منها في أيها كنت ترتع بعيرك؟ قال: " في التي (٣) لم يرتع منها " تعني أن النبي لم يتزوج بكرا غيرها. انفرد


(١) ما بين معكوفين سقطت من الأصل، واستدركت من سيرة ابن كثير.
(٢) في كتاب المناقب ج ٤/ ٢٥٢ (دار الفكر). وفيه: إن يك هذا، وقوله: ويقول: أي جبريل.
(٣) في كتاب النكاح فتح الباري ج ٩/ ٩٨ وفيه: الذي بدل التي.

<<  <  ج: ص:  >  >>