للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَتَانَا صَرِيخُ النَّاسِ فَجَاءَنَا مَا لَا قِبَلَ لَنَا بِهِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ إِلَّا بَطْنُ الْوَادِي مِنْ

قُدَيْدٍ، بَعَثَ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ مَاءً مَا رَأَيْنَا قَبْلَ ذَلِكَ مَطَرًا وَلَا حَالًا، وَجَاءَ بِمَا لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يُقْدِمَ عَلَيْهِ، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُمْ وُقُوفًا يَنْظُرُونَ إِلَيْنَا مَا يَقْدِرُ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنْ يُقْدِمَ عَلَيْهِ، وَنَحْنُ نَجِدُّ بِهَا أَوْ نَحْدُوهَا - شَكَّ النُّفَيْلِيُّ فَذَهَبْنَا سِرَاعًا حَتَّى أسندنا بها في المسلك، ثم حذرنا عَنْهُ حَتَّى أَعْجَزْنَا الْقَوْمَ بِمَا فِي أَيْدِينَا (١) .

وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بن إسحاق فِي رِوَايَتِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَالِبٍ، وَالصَّوَابُ غَالِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ كَمَا تقدَّم.

وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ هَذِهِ الْقِصَّةَ بِإِسْنَادٍ آخَرَ وَقَالَ فِيهِ: وَكَانَ مَعَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ رَجُلًا.

ثُمَّ ذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْوَاقِدِيِّ سَرِيَّةَ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ أَيْضًا إِلَى نَاحِيَةِ خَيْبَرَ فَلَقُوا جَمْعًا مِنَ الْعَرَبِ وَغَنِمُوا نَعَمًا كَثِيرًا، وَكَانَ بَعْثُهُ فِي هَذِهِ السَّرِيَّةِ بِإِشَارَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَكَانَ مَعَهُ من المسلمين ثلاثمائة رجل ودليله حسبل بْنُ نُوَيْرَةَ وَهُوَ الَّذِي كَانَ دَلِيلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ.

قَالَهُ الواقدي (٢) .

سرية بني حَدْرَدٍ إِلَى الْغَابَةِ قَالَ يُونُسُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ: كَانَ مِنْ حَدِيثِ قِصَّةِ أَبِي حَدْرَدٍ (٣) وَغَزْوَتِهِ إِلَى الْغَابَةِ مَا حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي حَدْرَدٍ قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِي فَأَصْدَقْتُهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، قَالَ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْتَعِينُهُ عَلَى نِكَاحِي فَقَالَ " كَمْ أَصْدَقْتَ؟ " فَقُلْتُ: مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَقَالَ: " سُبْحَانَ اللَّهِ! وَاللَّهِ لَوْ كُنْتُمْ تَأْخُذُونَهَا مِنْ وادٍ ما زدتم، وَاللَّهِ مَا عِنْدِي مَا أُعِينُكَ بِهِ " فَلَبِثْتُ أَيَّامًا ثُمَّ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ جُشَمَ بْنِ مُعَاوِيَةَ يُقَالُ لَهُ: رِفَاعَةُ بْنُ قَيْسٍ - أَوْ قَيْسُ بْنُ رِفَاعَةَ - فِي بَطْنٍ عَظِيمٍ مِنْ جُشَمَ حَتَّى نَزَلَ بِقَوْمِهِ وَمَنْ مَعَهُ بِالْغَابَةِ يُرِيدُ أَنْ يَجْمَعَ قَيْسًا عَلَى مُحَارَبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ ذَا اسْمٍ وَشَرَفٍ فِي جُشَمَ، قَالَ: فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجُلَيْنِ [معي] مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ " اخْرُجُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ حَتَّى تَأْتُوا مِنْهُ بِخَبَرٍ وَعِلْمٍ ".

وَقَدَّمَ لَنَا شَارِفًا عَجْفَاءَ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ أَحَدُنَا، فَوَاللَّهِ مَا قَامَتْ بِهِ ضَعْفًا حَتَّى دَعَمَهَا الرِّجَالُ مِنْ خَلْفِهَا بِأَيْدِيهِمْ، حَتَّى اسْتَقَلَّتْ وَمَا كَادَتْ، وَقَالَ " تَبَلَّغُوا عَلَى هَذِهِ " فَخَرَجْنَا وَمَعَنَا سِلَاحُنَا مِنَ النَّبْلِ وَالسُّيُوفِ حَتَّى إِذَا جِئْنَا قَرِيبًا مِنَ الْحَاضِرِ مَعَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَكَمَنْتُ فِي نَاحِيَةٍ، وَأَمَرْتُ صَاحِبَيَّ، فَكَمَنَا فِي نَاحِيَةٍ أُخْرَى مِنْ حَاضِرِ الْقَوْمِ، وَقُلْتُ لَهُمَا: إِذَا سَمِعْتُمَانِي قَدْ كبرت وشددت في العسكر فكبرا وشدا


(١) سيرة ابن هشام ج ٤ / ٢٥٧ ورواه البيهقي عنه في الدلائل ج ٤ / ٢٩٨.
والواقدي في المغازي ج ٢ / ٧٢٦.
(٢) مغازي الواقدي ج ٢ / ٧٢٧: وفيه سرية بشير بن سعد إلى الجناب سنة سبع.
ونقله البيهقي عنه في الدلائل ج ٤ / ٣٠١.
والجناب: من أرض غطفان، وقال الحازمي: من بلاد فزارة.
(٣) هو أبو حدرد الاسلمي: اختلف في اسمه فقيل سلامة بن عمير بن سلامة..كذا قال خليفة، وقال علي بن المديني: اسمه عبيد.
له ترجمة في الاصابة (٤ / ٤٢) .
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>