للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلمة عبد الرحمن بن مسلم الخراساني، ومالك بن هاشم. ومن كلامه الحسن: الكامل المروءة من أحرز دينه ووصل رحمه، واجتنب ما يلام عليه.

[خلافة أبي العباس السفاح]

لما بلغ أهل الكوفة مقتل إبراهيم بن محمد، أراد أبو سلمة الخلال أن يحول الخلافة إلى آل علي بن أبي طالب، فغلبه بقية النقباء والامراء، وأحضروا أبا العباس السفاح وسلموا عليه بالخلافة، وذلك بالكوفة، وكان عمره إذ ذاك ستا وعشرين سنة. وكان أول من سلم عليه بالخلافة أبو سلمة الخلال، وذلك ليلة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من ربيع الآخر من هذه السنة، فلما كان وقت صلاة الجمعة خرج السفاح على برذون أبلق، والجنود ملبسة معه، حتى دخل دار الامارة، ثم خرج إلى المسجد الجامع وصلى بالناس، ثم صعد المنبر وبايعه الناس وهو على المنبر في أعلاه، وعمه داود بن علي واقف دونه بثلاث درج، وتكلم السفاح، وكان أول ما نطق به أن قال: الحمد لله الذي اصطفى الاسلام لنفسه دينا، وكرمه وشرفه وعظمه، واختاره لنا، وأيده بنا، وجعلنا أهله وكهفه والقوام به والذابين عنه والناصرين له، وألزمنا كلمة التقوى وجعلنا أحق بها وأهلها، خصنا برحم رسول الله وقرابته، ووضعنا بالاسلام وأهله في الموضع الرفيع، وأنزل بذلك على أهل الاسلام كتابا يتلى عليهم. فقال تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) [الأحزاب: ٣٣] وقال: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) [الشورى: ٢٣] وقال: (وأنذر عشيرتك الأقربين) [الشعراء: ٢١٤] وقال: (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين) [الحشر: ٧] الآية. فأعلمهم ﷿ فصلنا وأوجب عليهم حقنا ومودتنا، وأجزل من الفئ والغنيمة نصيبنا تكرمة لنا، وتفضلة علينا، والله ذو الفضل العظيم. وزعمت السبائية (١) الضلال أن غيرنا أحق بالرياسة والسياسة والخلافة منا، فشاهت وجوههم. أيها الناس بنا هدى الله الناس بعد ضلالتهم، وبصرهم (٢) بعد جهالتهم، وأنقذهم بعد هلكتهم وأظهر بنا الحق وأدحض بنا الباطل، وأصلح بنا منهم ما كان فاسدا، ورفع بنا الخسيسة، وأتم النقيصة وجمع الفرقة، حتى عاد الناس بعد العداوة أهل تعاطف وبر ومواساة في دنياهم، وإخوانا على سرر متقابلين في أخراهم، فتح الله علينا ذلك منة ومنحة بمحمد ، فلما قبضه إليه قام بذلك الامر بعده أصحابه، وأمرهم شورى بينهم، فحووا مواريث الأمم فعدلوا فيها،


(١) عن الطبري وابن الأثير. وفي الأصل السبابية تحريف.
والسبئية زعمت بأن عليا صار إلها بحلول روح الاله فيه، وهي من جملة الفرق الحلولية وغرضها القصد إلى افساد القول بتوحيد الصانع (الفرق بين الفرق ص ١٩٣ - ١٩٤).
(٢) من الطبري وابن الأثير. وفي الأصل ونصرهم وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>