للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقال له صالح فكان (١) يتعبدان يوم الأحد ويعمل فيميون بقية الجمعة في البناء وكان يدعوا للمرضى والزمني وأهل العاهات فيشفون، ثم استأسره وصاحبه بعض الاعراب فباعوهما بنجران فكان الذي اشترى فيميون يراه إذا قام في مصلاه بالبيت الذي هو فيه في الليل يمتلئ عليه البيت نورا فأعجبه ذلك من أمره. وكان أهل نجران يعبدون نخلة طويلة [لها عيد كل سنة] (٢) يعلقون عليها حلي نسائهم ويعكفون عندها فقال فيميون لسيده: أرأيت إن دعوت الله على هذه الشجرة فهلكت أتعلمون أن الذي أنتم عليه باطل. قال نعم فجمع له أهل نجران وقام فيميون إلى مصلاه فدعا الله عليها فأرسل الله عليها قاصفا فجعفها (٣) من أصلها ورماها إلى الأرض فاتبعه أهل نجران على دين النصرانية وحملهم على شريعة الإنجيل حتى حدثت فيهم الاحداث التي دخلت على أهل دينهم بكل أرض فمن هنالك كانت النصرانية بنجران من أرض العرب

ثم ذكر ابن إسحاق قصة عبد الله بن الثامر حين تنصر على يدي فيميون وكيف قتله وأصحابه ذو نواس وخد لهم الأخدود (٤). وقال ابن هشام وهو الحفر المستطيل في الأرض مثل الخندق وأجج فيه النار وحرقهم بها قتل آخرين حتى قتل قريبا من عشرين ألفا كما قدمنا ذلك مبسوطا في أخبار بني إسرائيل وكما هو مستقصى في تفسير سورة (والسماء ذات البروج) من كتابنا التفسير ولله الحمد (٥)

[خروج الملك باليمن من حمير إلى الحبشة السودان]

كما أخبر بذلك شق وسطيح الكاهنان وذلك أنه لم ينج من أهل نجران إلا رجل واحد يقال له دوس ذو ثعلبان (٦) على فرس له، فسلك الرمل فأعجزهم فمضى على وجهه ذلك حتى أتى قيصر ملك الروم فاستنصره على ذي نواس وجنوده وأخبره بما بلغ منهم، وذلك لأنه نصراني على دينهم.


(١) الصواب: فكانا يتعبدان.
(٢) ما بين معكوفين من الطبري وابن هشام.
(٣) فجعفها: قطعها، وفي ابن الأثير: ريحا فجففتها وألقتها. وفي ابن هشام والطبري: ريحا فجعفتها من أصلها
(٤) يقال إن الذين خددوا الأخدود ثلاثة: تبع صاحب اليمن، وقسطنطين بن هلاني حين صرف النصارى عن التوحيد إلى عبادة الصليب، وبختنصر من أهل بابل حين أمر الناس أن يسجدوا فامتنع دانيال وأصحابه، فألقاهم في النار.
(٥) راجع الآيات ٤، ٤، ٥، ٦ من سورة البروج.
(٦) في رواية للطبري أن الذي أفلت هو جبار بن فيض من أهل نجران. ثم قال: و " الثبت عندي أنه دوس ذو ثعلبان " ج ٢/ ١٠٦. وهو يوافق ما ذكره ابن إسحاق وابن الأثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>