للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنا لنشبع أضيافنا … وتأتي المطي فنعتامها

قال وإذا ناقة صاحب القول تكوس (١) عقيرا فنحروها وقاموا يشتوون ويأكلون. وقالوا والله لقد أضافنا حاتم حيا وميتا. قال: وأصبح القوم واردفوا صاحبهم وساروا فإذا رجل ينوه بهم راكبا جملا ويقود آخر. فقال: أيكم أبو الخيبري قال أنا قال إن حاتما أتاني في النوم فأخبرني أنه قرى أصحابك ناقتك وأمرني آن أحملك وهذا بعير فخذه ودفعه إليه.

[شئ من أخبار عبد الله بن جدعان]

هو عبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة سيد بني تيم وهو ابن عم والد أبي بكر الصديق . وكان من الكرماء الأجواد في الجاهلية المطعمين للمسنتين وكان في بدء أمره فقيرا مملقا وكان شريرا يكثر من الجنايات حتى أبغضه قومه وعشيرته وأهله وقبيلته وأبغضوه حتى أبوه فخرج ذات يوم في شعاب مكة حائرا بائرا فرأى شقا في جبل فظن أن يكون به شيئا يؤذي فقصده لعله يموت فيستريح مما هو فيه فلما اقترب منه إذا ثعبان يخرج إليه ويثب عليه فجعل يحيد عنه ويثب فلا يغني شيئا فلما دنا منه إذا هو من ذهب وله عينان هما ياقوتتان فكسره وأخذه ودخل الغار فإذا فيه قبور لرجال من ملوك جرهم ومنهم الحارث بن مضاض الذي طالت غيبته فلا يدري أين ذهب ووجد عند رؤوسهم لوحا من ذهب فيه تاريخ وفاتهم ومدد ولايتهم وإذا عندهم من الجواهر واللآلئ والذهب والفضة شئ كثير فأخذ منه حاجته ثم خرج وعلم باب الغار ثم انصرف، إلى قومه فأعطاهم حتى أحبوه وسادهم وجعل يطعم الناس وكلما قل ما في يده ذهب إلى ذلك الغار فأخذ حاجته ثم رجع فممن ذكر هذا عبد الملك بن هشام في كتاب " التيجان " وذكره أحمد بن عمار في كتاب " ري العاطش وأنس الواحش " وكانت له جفنة يأكل منها الراكب على بعيره ووقع فيها صغير فغرق. وذكر ابن قتيبة وغيره أن رسول الله قال: " لقد كنت استظل بظل جفنة عبد الله بن جدعان صكة عمي " (٢) أي وقت الظهيرة.

وفي حديث مقتل أبي جهل أن رسول الله قال لأصحابه: " تطلبوه بين القتلى وتعرفوه بشجة في ركبته، فإني تزاحمت أنا وهو على مأدبة لابن جدعان فدفعته فسقط على ركبته فانهشمت


(١) كأس البعير: في القاموس: مشى على ثلاث قوائم وهو معرقب. وقال الزمخشري في الأساس أي قلب على رأسه.
(٢) الصكة شدة الهاجرة، وتضاف إلى عمي، رجل من العمالقة أغار على قومهم في الظهيرة فاجتاحهم. قال الآلوسي في بلوغ الإرب: سميت الهاجرة صكة عمي لخبر ذكره أبو حنيفة في الأنواء وهو أن عميا رجل من عدوان، وقيل من إياد، وكان فقيها فقدم في قومه معتمرا أو حاجا فلما كان على مرحلتين من مكة قال لقومه وهم في وسط الظهيرة من أتى مكة غدا في مثل هذا الوقت كان له أجر عمرتين فصكوا الإبل صكة شديدة حتى أتوا مكة من الغداة. فسميت الظهيرة صكة عمي. ١/ ٨٩ - ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>