للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هكذا أورد الإمام محمد بن إسحاق هذه القصائد من شعر عباس بن مرداس السلمي وقد تركنا بعض ما أورده من القصائد خشية الإطالة وخوف الملامة، ثم أورد من شعر غيره أيضا وقد حصل ما فيه كفاية من ذلك والله أعلم.

[غزوة الطائف]

قال عروة وموسى بن عقبة عن الزهري: قاتل رسول الله يوم حنين وحاصر الطائف في شوال سنة ثمان: وقال محمد بن إسحاق: ولما قدم فل ثقيف الطائف أغلقوا عليهم أبواب مدينتها وصنعوا الصنائع للقتال ولم يشهد حنينا ولا حصار الطائف عروة بن مسعود ولا غيلان بن سلمة كانا بجرش (١) يتعلمان صنعة الدبابات والمجانيق والضبور (٢): قال ثم سار رسول الله إلى الطائف حين فرغ من حنين فقال كعب بن مالك في ذلك:

قضينا من تهامة كل ريب … وخيبر ثم أجمعنا السيوفا

نخبرها ولو نطقت لقالت … قواطعهن: دوسا أو ثقيفا

فلست لحاضن إن لم تروها … بساحة داركم منا ألوفا

وننتزع العروش ببطن وج … وتصبح دوركم منكم خلوفا

ويأتيكم لنا سرعان خيل … يغادر خلفه جمعا كثيفا

إذا نزلوا بساحتكم سمعتم … لها مما أناخ بها رجيفا

بأيديهم قواضب مرهفات … يزرن المصطلين بها الحتوقا

كأمثال العقائق أخلصتها … قيون الهند لم تضرب كتيفا (٣)

تخال جدية الابطال فيها … غداة الزحف جاديا مدوفا (٤)

أجدهم أليس لهم نصيح … من الأقوام كان بنا عريفا

يخبرهم بأنا قد جمعنا … عتاق الخيل والنجب الطروفا (٥)

وأنا قد أتيناهم بزحف … يحيط بسور حصنهم صفوفا

رئيسهم النبي وكان صلبا … نقي القلب مصطبرا عزوفا


(١) جرش: من مخاليف اليمن من جهة مكة.
(٢) الضبور: جلود يغشى بها خشب يتقى بها في الحرب عند الانسحاب (قاله الخليل) وفي اللسان: الضبر: جلد يغشى خشبا فيها رجال تقرب إلى الحصون لقتال أهلها. وقال: هي الدبابات التي تقرب للحصون، لتنقب من تحتها.
(٣) كتيف: جمع كتيفة وهي الصفيحة الصغيرة.
(٤) المدوف: المبلول، المخلوط بغيره. والجادي: الزعفران.
(٥) الطروف: الكرام من الخيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>