للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ - الْيَوْمَ أَقْتُلُ مُحَمَّدًا، قَالَ: فَأَدَرْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأقتله فأقبل شئ حَتَّى تَغَشَّى فُؤَادِي، فَلَمْ أُطِقْ ذَاكَ، وَعَلِمْتُ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنِّي (١) .

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي وَالِدِي إِسْحَاقُ بْنُ يَسَارٍ عمَّن حدَّثه عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: إِنَّا لَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حنين والناس يقتتلون إذا نَظَرْتُ إِلَى مِثْلِ الْبِجَادِ الْأَسْوَدِ يَهْوِي مِنَ السَّمَاءِ حَتَّى وَقَعَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ، فَإِذَا نَمْلٌ مَنْثُورٌ (٢) قَدْ مَلَأَ الْوَادِي فَلَمْ يَكُنْ إِلَّا هَزِيمَةُ الْقَوْمِ، فَمَا كُنَّا نَشُكُّ أَنَّهَا الْمَلَائِكَةُ (٣) وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الْحَاكِمِ عَنِ الْأَصَمِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ بِهِ.

وَزَادَ فقال خديج بن العوجا النَّصْرِيُّ - يَعْنِي فِي ذَلِكَ: وَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ حُنَيْنٍ وَمَائِهِ * رَأَيْنَا سَوَادًا مُنْكَرَ اللَّوْنِ أَخْصَفَا بِمَلْمُومَةٍ شَهْبَاءَ لَوْ قَذَفُوا بِهَا * شَمَارِيخَ مِنْ عَرْوَى إِذًا عَادَ صَفْصَفَا (٤) وَلَوْ أَنَّ قَوْمِي طَاوَعَتْنِي سَرَاتُهُمْ * إِذًا مَا لَقِينَا الْعَارِضَ الْمُتَكَشِّفَا إِذًا مَا لَقِينَا جُنْدَ آلِ مُحَمَّدٍ * ثَمَانِينَ ألفاً واستمدوا بخندقا

وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ مِنْ شِعْرِ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ النَّصْرِيِّ رَئِيسِ هَوَازِنَ يَوْمَ الْقِتَالِ وهو في حومة الوغا يرتجز ويقول: أقدم مجاج إِنَّهُ يَوْمٌ نُكُرْ * مِثْلِي عَلَى مِثْلِكَ يَحْمِي وَيَكُرْ إِذَا أُضِيعَ الصَّفُّ يَوْمًا وَالدُّبُرْ * ثُمَّ احْزَأَلَّتْ زُمَرٌ بَعْدَ زُمَرْ كَتَائِبُ يَكِلُّ فِيهِنَّ الْبَصَرْ * قَدْ أَطْعُنُ الطَّعْنَةَ تَقْذِي بِالسُّبُرْ (٥) حِينَ يذم المستكن الْمُنْجَحِرْ * وَأَطْعُنُ النَّجْلَاءَ تَعْوِي وَتَهِرْ لَهَا مِنَ الْجَوْفِ رَشَاشٌ مُنْهَمِرْ * تَفْهَقُ تَارَاتٍ وَحِينًا تَنْفَجِرْ وثعلب العامل فيها منكسر * يا زين يا بن همهم أين تفر قد أنفذ الضِّرْسُ وَقَدْ طَالَ الْعُمُرْ * قَدْ عَلِمَ الْبِيضُ الطَّوِيلَاتُ الْخُمُرْ أَنِّي فِي أَمْثَالِهَا غَيْرُ غَمِرْ * إذ تخرج الحاصن مِنْ تَحْتِ السُّتُرْ (٦) وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ يونس بن بكير عن ابن إِسْحَاقَ أَنَّهُ أَنْشَدَ مِنْ شِعْرِ مَالِكٍ أَيْضًا حين ولى أصحابه منهزمين وذلك قوله بعدما أسلم وقيل هي لغيره:


(١) سيرة ابن هشام ٤ / ٨٧.
(٢) في ابن هشام: مبثوث.
يعني متفرق رآه يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ.
(٣) الخبر في سيرة ابن هشام ٤ / ٩١ ورواه البيهقي في الدلائل ج ٥ / ١٤٦.
(٤) في البيهقي: من عود، بدل: من عروى.
وفي ابن هشام: من عزوى.
وقال أبو ذر: عروى وهنا اسم رجل.
(٥) يكل فيهن البصر: يعيا عن إدراك نهايتها لكثرة عددها.
(٦) في الاصل الحاضن وهي التي تحضن ولدها.
وأثبتنا ما في ابن هشام: الحاصن: أي العفيفة الممتنعة (*)

<<  <  ج: ص:  >  >>