للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسرائيل. وذلك أنه كان يجلس مع بنيه وهم شيوخ وهو شاب لأنه مات وهو ابن أربعين سنة فبعثه الله شابا كهيئة يوم مات قال ابن عباس بعث بعد بخت نصر وكذلك قال الحسن، وقد أنشد أبو حاتم السجستاني في معنى ما قاله ابن عباس:

واسود رأس شاب من قبله ابنه … ومن قبله ابن ابنه فهو أكبر

يرى ابنه شيخا يدب على عصا … ولحيته سوداء والرأس أشقر

وما لابنه حيل ولا فضل قوة … يقوم كما يمشي الصبي فيعثر

يعد ابنه في الناس تسعين حجة … وعشرين لا يجري ولا يتبختر

وعمر أبيه أربعون أمرها … ولأن ابنه تسعون في الناس غبر

فما هو في المعقول إن كنت داريا … وإن كنت لا تدري فبالجهل تعذر

[فصل]

المشهور أن عزيرا نبي من أنبياء بني إسرائيل (١)، وأنه كان فيما بين داود وسليمان وبين زكريا ويحيى، وأنه لما لم يبق في بني إسرائيل من يحفظ التوراة ألهمه الله حفظها فسردها على بني إسرائيل كما قال وهب بن منبه أمر الله ملكا فنزل بمعرفة (٢) من نور فقذفها في عزير فنسخ التوراة حرفا بحرف حتى فرغ منها. وروى ابن عساكر عن ابن عباس أنه سأل عبد الله بن سلام عن قول الله تعالى: (وقالت اليهود عزير ابن الله) [البقرة: ٣٠] لم قالوا ذلك؟ فذكر له ابن سلام ما كان من كتبه لبني إسرائيل التوراة من حفظه وقول بني إسرائيل لم يستطع موسى أن يأتينا بالتوراة إلا في كتاب وإن عزيرا قد جاءنا بها من غير كتاب فرماه طوائف منهم وقالوا عزير ابن الله. ولهذا يقول كثير من العلماء: إن تواتر التوراة انقطع في زمن العزير. وهذا متجه جدا إذا كان العزيز غير بني كما قاله عطاء بن أبي رباح والحسن البصري، وفيما رواه إسحاق بن بشر عن مقاتل بن سليمان، عن عطاء، وعن عثمان بن عطاء الخراساني، عن أبيه ومقاتل عن عطاء بن أبي رباح قال: كان في الفترة تسعة أشياء بخت نصر وجنة صنعاء وجنة سبا وأصحاب الأخدود وأمر حاصورا وأصحاب الكهف وأصحاب الفيل ومدينة أنطاكية وأمر تبع. وقال إسحاق بن بشر: أنبأنا سعيد عن قتادة، عن الحسن قال: كان أمر عزير وبخت نصر في الفترة. وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله قال: " إن أولى الناس بابن مريم [الأنبياء أولاد علات] (٣) لأنا إنه ليس بيني وبينه نبي " (٤)


(١) ذكره المسعودي بين الأنبياء وقال: وقد تنازع الناس في نبوته. وقال ابن قتيبة في المعارف: أن الله محا أسمه من الأنبياء لأنه أكثر المناجاة في القدر.
(٢) تقدم في الطبري: أن الملك أتى عزير باناء ماء وسقاه منه فتمثلت التوراة في صدره.
(٣) ما بين معكوفين سقط من نسخ البداية المخطوطة والمطبوعة. واستدرك من نص الحديث.
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه في ٤٣/ ٤٠/ ١٤٣، ١٤٤، ١٤٥ وفي رواية: قال رسول الله : أنا أولى الناس بعيسى مريم .. في الأولى والآخرة؟. قالوا: كيف يا رسول الله؟ قال: " الأنبياء أخوة من علات .. وأمهاتهم شتى .. فليس بيننا نبي " حديث رقم ١٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>