للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكرمك أن يمنعوا هؤلاء الصبية عند رأسك بكرة وعشية. قال فهل منعك مني غير ذلك؟ قالت لا والله، قال لها رسول الله يرحمك الله إن خير نساء ركبن أعجاز الإبل، صالح نساء قريش أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على بعل بذات يده. قلت وكان زوجها قبله السكران بن عمرو أخو سهيل بن عمرو، وكان ممن أسلم وهاجر إلى الحبشة كما تقدم، ثم رجع إلى مكة فمات بها قبل الهجرة . هذه السياقات كلها دالة على أن العقد على عائشة كان متقدما على العقد بسودة وهو قول عبد الله بن محمد بن عقيل. ورواه يونس عن الزهري واختار ابن عبد البر أن العقد على سودة قبل عائشة (١) وحكاه عن قتادة وأبي عبيد. قال ورواه عقيل عن الزهري.

[فصل]

قد تقدم ذكر موت أبي طالب عم رسول الله وأنه كان ناصرا له وقائما في صفه ومدافعا عنه بكل ما يقدر عليه من نفس ومال ومقال وفعال، فلما مات اجترأ سفهاء قريش على رسول الله ونالوا منه ما لم يكونوا يصلون إليه ولا يقدرون عليه. كما قد رواه البيهقي عن الحاكم عن الأصم حدثنا محمد بن إسحاق الصنعاني (٢) حدثنا يوسف بن بهلول، حدثنا عبد الله بن إدريس حدثنا محمد بن إسحاق، عمن حدثه عن عروة بن الزبير عن عبد الله بن جعفر. قال: لما مات أبو طالب عرض لرسول الله سفيه من سفهاء قريش فألقى عليه ترابا، فرجع إلى بيته فأتت امرأة من بناته تمسح عن وجهه التراب وتبكي، فجعل يقول: " أي بنية لا تبكين فإن الله مانع أباك " ويقول ما بين ذلك " ما نالت قريش شيئا أكرهه حتى مات أبو طالب ثم شرعوا " (٣). قد رواه زياد البكائي عن محمد بن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه مرسلا والله أعلم. وروى البيهقي أيضا عن الحاكم وغيره (٤) عن الأصم عن أحمد بن عبد الجبار عن يونس بن بكير عن هشام بن عروة عن أبيه: أن رسول الله قال: " ما زالت قريش كاعين (٥) حتى مات أبو طالب " ثم رواه عن الحاكم عن الأصم عن عباس الدوري عن يحيى بن معين، حدثنا عقبة


(١) قال ابن سعد في الطبقات: إن سودة كانت أول امرأة تزوجها رسول الله بعد خديجة وعن محمد بن عبد الله بن سالم عن أبيه قال: تزوج رسول الله سودة في رمضان سنة عشر من النبوة بعد وفاة خديجة وقبل تزوج عائشة ودخل بها بمكة وهاجر بها إلى مكة.
(٢) في البيهقي: الصغاني بدلا من الصنعاني.
(٣) الخبر في دلائل البيهقي ج ٢/ ٣٥٠.
(٤) في دلائل البيهقي ج ٢/ ٣٤٩: وأبو سعيد بن أبي عمرو بدلا من " وغيره ".
(٥) في دلائل البيهقي: كاعين عني: أي جبنوا، والكاعة جمع كاع وهو الجبان، يقال: كع الرجل يكع كعا: جبن عنه (راجع النهاية لابن الأثير).

<<  <  ج: ص:  >  >>