للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْ بِلَادِكُمْ، فَقَوِيَ الشَّامِيُّونَ وَضَعُفَ جَأْشُ السُّودَانِ جداً، وأرسل السلطان إلى محلة السودان الْمَعْرُوفَةِ بِالْمَنْصُورَةِ، الَّتِي فِيهَا دُورُهُمْ وَأَهْلُوهُمْ بِبَابِ زُوَيْلَةَ فَأَحْرَقَهَا، فَوَلَّوْا عِنْدَ ذَلِكَ مُدْبِرِينَ، وَرَكِبَهُمُ السَّيْفُ فَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، ثُمَّ طَلَبُوا الأمان فَأَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ، وَأَخْرَجَهُمْ إِلَى الْجِيزَةِ، ثُمَّ خرج لهم شمس الدولة نورشاه أَخُو الْمَلِكِ صَلَاحِ الدِّينِ فَقَتَلَ أَكْثَرَهُمْ أَيْضًا، ولم يقى مِنْهُمْ إِلَّا الْقَلِيلُ، فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظلموا.

وفيها افتتح نور الدين قَلْعَةَ جَعْبَرَ وَانْتَزَعَهَا مِنْ يَدِ صَاحِبِهَا شِهَابِ الدين مالك بن علي الْعَقِيلِيِّ وَكَانَتْ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ أَيَّامِ السُّلْطَانِ مَلِكْشَاهْ.

وَفِيهَا احْتَرَقَ جَامِعُ حَلَبَ فَجَدَّدَهُ نُورُ الدين.

وفيها مات ماروق الذي تنسب إليه المحلة بظاهر حلب وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ..سَعْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرِ بْنِ سَعِيدٍ الدَّجَاجِيُّ أَبُو الْحَسَنِ الواعظ الحنبلي، ولد سَنَةِ ثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ وَتَفَقَّهَ وَوَعَظَ، وَكَانَ لَطِيفَ الْوَعْظِ، وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي ذَلِكَ، وَذَكَرَ أَنَّهُ سُئِلَ مَرَّةً عَنْ أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ فَنَهَى عَنِ التَّعَرُّضِ لِذَلِكَ وأنشد: أبى الغائب الغضبان يا نفس إن ترضى * وَأَنْتِ الَّذِي صَيَّرْتِ طَاعَتَهُ فَرْضَا فَلَا تَهْجُرِي مَنْ لَا تُطِيقِينَ هَجْرَهُ * وَإِنْ هَمَّ بِالْهُجْرَانِ خَدَّيْكِ وَالْأَرْضَا وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: خِفْتُ مَرَّةً مِنَ الْخَلِيفَةِ فَهَتَفَ بِي هَاتِفٌ فِي الْمَنَامِ وَقَالَ لِي اكْتُبْ: ادْفَعْ بِصَبْرِكَ حَادِثَ الْأَيَّامِ * وَتَرَجَّ لُطْفَ الْوَاحِدِ الْعَلَّامِ لَا تَيْأَسَنَّ وَإِنْ تَضَايَقَ كَرْبُهَا * وَرَمَاكَ رَيْبُ صُرُوفِهَا بِسِهَامِ

فَلَهُ تَعَالَى بَيْنَ ذَلِكَ فَرْجَةٌ * تخفى على الأفهام وَالْأَوْهَامِ كَمْ مَنْ نَجَا مِنْ بَيْنِ أَطْرَافِ الْقَنَا * وَفَرِيسَةٍ سَلِمَتْ مِنَ الضِّرْغَامِ تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ مِنْهَا عَنْ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَدُفِنَ عند رباط الزوري ثُمَّ نُقِلَ إِلَى مَقْبَرَةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ.

شَاوَرُ بْنُ مُجِيرِ الدِّينِ أَبُو شُجَاعٍ السَّعْدِيُّ، الْمُلَقَّبُ أَمِيرَ الْجُيُوشِ، وَزِيرُ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ أَيَّامَ الْعَاضِدِ، وَهُوَ الَّذِي انْتَزَعَ الْوِزَارَةَ مِنْ يَدَيْ رُزِّيكَ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنِ اسْتَكْتَبَ الْقَاضِيَ الْفَاضِلَ، اسْتَدْعَى بِهِ مِنْ إِسْكَنْدَرِيَّةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>