للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَيَصْدُرُ عَنْ رَيٍّ، فَشَرِبَ الْقَوْمُ حتَّى لَمْ يَبْقَ غَيْرِي وَغَيْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم، فصبَّ لِي.

فَقَالَ: اشْرَبْ يَا أَبَا قَتَادَةَ، قَالَ: قُلْتُ: اشْرَبْ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ إنَّ سَاقِيَ الْقَوْمِ آخِرُهُمْ، فَشَرِبْتُ وَشَرِبَ بَعْدِي وَبَقِيَ فِي الْمِيضَأَةِ نَحْوٌ مما كان فيها، وهم يومئذ ثلثمائة، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَسَمِعَنِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَأَنَا أحدِّث هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ فَقَالَ: مَنِ الرَّجل؟ قُلْتُ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبَاحٍ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: الْقَوْمُ أَعْلَمُ بِحَدِيثِهِمْ، انْظُرْ كَيْفَ تحدِّث فَإِنِّي أَحَدُ السَّبعة تِلْكَ اللَّيلة، فلمَّا فَرَغْتُ قَالَ: مَا كُنْتُ أَحْسَبُ أَحَدًا يَحْفَظُ هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرِي (١) قَالَ حَمَّادُ بْنُ

سَلَمَةَ: وحدَّثنا حُمَيْدٌ الطَّويل عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي قتادة الموصليّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ وَزَادَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم إِذَا عَرَّسَ وَعَلَيْهِ لَيْلٌ تَوَسَّدَ يَمِينَهُ، وَإِذَا عَرَّسَ الصُّبْحَ وَضَعَ رَأَسَهُ عَلَى كفِّه الْيُمْنَى وَأَقَامَ سَاعِدَهُ * وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٍ عَنْ شَيْبَانَ بْنِ فَرُّوخٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رباح، عن أبي قتادة الحرب ربعي الأنصاريّ بطوله وأخرج مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بِسَنَدِهِ الْأَخِيرِ أَيْضًا.

حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ أَنَسٍ يُشْبِهُ هَذَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْحَافِظِ أَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيِّ: ثَنَا شَيْبَانُ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ، ثَنَا أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم جهَّز جَيْشًا إلى المشركين فيهم أبو بكر فقال لهم: جدُّوا السَّير فإنَّ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ مَاءً.

إِنْ يَسْبِقِ الْمُشْرِكُونَ إِلَى ذَلِكَ الْمَاءِ شُقَّ عَلَى النَّاس وعطشتم عطشاً شديداً أنتم ودوابكم، وتخلَّف رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم فِي ثَمَانِيَةٍ أَنَا تَاسِعُهُمْ، وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: هَلْ لَكَمَ أَنْ نُعَرِّسَ قَلِيلًا ثُمَّ نَلْحَقَ بالنَّاس؟ قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَعَرَّسُوا فَمَا أَيْقَظَهُمْ إِلَّا حَرُّ الشَّمس، فَاسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَيْقَظَ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ لَهُمْ: تقدَّموا وَاقْضُوا حَاجَاتِكُمْ، فَفَعَلُوا ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُمْ: هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مَاءٌ؟ قَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَعِي ميضأة فيها شئ مِنْ مَاءٍ، قَالَ: فَجِئْ بِهَا: فَجَاءَ بِهَا، فأخذها نبي اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم فَمَسَحَهَا بِكَفَّيْهِ ودعا بالبركة فيها، وقال لأصحابه: تعالوا فتوضأوا، فجاؤا وَجَعَلَ يَصُبُّ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى توضأوا كلَّهم، فأذَّن رَجُلٌ مِنْهُمْ وَأَقَامَ، فصلَّى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ وَقَالَ لِصَاحِبِ الْمِيضَأَةِ ازْدَهِرْ بِمِيضَأَتِكَ، فَسَيَكُونُ لَهَا شأن، وركب رسول الله قَبْلَ النَّاس وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: مَا تَرَوْنَ النَّاس فَعَلُوا؟ فَقَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.

فَقَالَ لَهُمْ: فيهم أبو بكر وعمرو سيرشد النَّاس، فَقَدِمَ النَّاس وَقَدْ سَبَقَ الْمُشْرِكُونَ إِلَى ذَلِكَ الْمَاءِ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاس وَعَطِشُوا عَطَشًا شَدِيدًا رِكَابُهُمْ وَدَوَابُّهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم: أَيْنَ صَاحِبُ الْمِيضَأَةِ؟ قالوا: هو هذا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ جِئْنِي بِمِيضَأَتِكَ، فَجَاءَ بها وفيها شئ مِنْ مَاءٍ، فَقَالَ لَهُمْ: تَعَالَوْا فَاشْرَبُوا، فَجَعَلَ يَصُبُّ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى شَرِبَ النَّاس كلَّهم وَسَقَوْا دَوَابَّهُمْ وركابهم وملأوا ما كان


(١) أخرجه مسلم في صحيحه ١ / ٤٧٢ والامام أحمد في مسنده ج ٥ / ٢٩٨.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>