للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقارب مائة ألف دينار، فكتب إليه الموصي، وقيل غيره، إن فلاناً قد مات وخلف ولداً عمره ثَمَانِيَةُ أَشْهُرٍ، وَلَهُ مِنَ الْمَالِ مَا يُقَارِبُ مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ، فَإِنْ رَأَى الْوَزِيرُ أَنْ يقترض هذا المال إلى حين بلوغ الطفل.

فكتب الوزير على ظهر الورقة: المتوفى رحمه الله، واليتيم جَبَرَهُ اللَّهُ، وَالْمَالُ ثَمَّرَهُ اللَّهُ، وَالسَّاعِي لَعَنَهُ الله، ولا حاجة بنا إِلَى مَالِ الْأَيْتَامِ.

اعْتُقِلَ ثُمَّ قُتِلَ فِي رمضان منها، عن إحدى وخمسين سنة.

محمد بن أحمد (١) بن إبراهيم ابن غَيْلَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَيْلَانَ بْنِ حليم بن غيلان، أخو (٢) طالب البزاز، يروي عَنْ جَمَاعَةٍ وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْ أبي بكر الشافعي، كان صدوقا دينار صَالِحًا، قَوِيَّ النَّفْسِ عَلَى كِبَرِ السِّن، كَانَ يملك ألف دينار، وكان يَصُبُّهَا كُلَّ يَوْمٍ فِي حِجْرِهِ فَيُقَبِّلُهَا ثُمَّ يَرُدُّهَا إِلَى مَوْضِعِهَا، وَقَدْ خَرَّجَ لَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ الأجزاء الغيلانيات، وهي سماعنا.

توفي يوم الإثنين سادس شوال منها عَنْ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً، وَيُقَالُ إِنَّهُ بَلَغَ المائة فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الْمَلِكُ أَبُو كَالِيجَارَ وَاسْمُهُ الْمَرْزُبَانُ بن سلطان الدولة بن بهاء الدولة، توفي عن أربعين سنة وأشهر، ولي العراق نحو مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ (٣) ، وَنُهِبَتْ لَهُ قَلْعَةٌ كَانَ له فيها من المال مَا يَزِيدُ عَلَى أَلْفِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَقَامَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ ابْنُهُ الْمَلِكُ الرَّحِيمُ أَبُو نَصْرٍ.

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ فِي عَاشِرِ الْمُحَرَّمِ تُقُدِّمَ إِلَى أَهْلِ الْكَرْخِ أن لا يعملوا بدع النوح، فجرى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَهْلِ بَابِ الْبَصْرَةِ مَا يَزِيدُ على الحد، من الجراح والقتل، وبنى أهل الكرخ سوراً على الكرخ، وَبَنَى أَهْلُ السُّنَّةِ سُورًا عَلَى سُوقِ الْقَلَّائِينَ، ثم نقض كُلٌّ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ أَبْنِيَتَهُ، وَحَمَلُوا الْآجُرَّ إِلَى مَوَاضِعَ بِالطُّبُولِ وَالْمَزَامِيرِ، وَجَرَتْ بَيْنَهُمْ مُفَاخَرَاتٌ فِي ذلك، وسخف لا تنحصر ولا تنضبط، وإنشاد أشعار في فضل

الصحابة.

وثلبهم، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

ثُمَّ وَقَعَتْ بَيْنَهُمْ فِتَنٌ يَطُولُ ذِكْرُهَا، وَأَحْرَقُوا دوراً كثيرة جداً.

وفيها وقعت وحشة بين الملك طغرلبك وبين أخيه، فجمع أخوه جموعاً كثيرا فاقتتل هو


(١) في الكامل ٩ / ٥٥٢ والوافي ١ / ١١٩: محمد.
(٢) في المراجع المذكورة: أبو.
(٣) في الكامل ٩ / ٥٤٧: أربع سنين وشهرين ونيفا وعشرين يوما.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>