للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحرقوه وهذا إنما يحمل عليه قلة الدين والعقل، فأغرمهم السلطان خوارزم شاه مَا غَرِمَ الْوَزِيرُ عَلَى بِنَائِهِ.

وَفِيهَا تُوُفِّيَ الشَّيْخُ الْمُسْنِدُ الْمُعَمَّرُ رُحْلَةُ الْوَقْتِ: أَبُو الْفَرَجِ بن عبد المنعم بن عبد الوهاب ابن صَدَقَةَ بْنِ الْخَضِرِ بْنِ كُلَيْبٍ الْحَرَّانَيُّ الْأَصْلُ الْبَغْدَادِيُّ الْمَوْلِدُ وَالدَّارُ وَالْوَفَاةُ، عَنْ سِتٍّ وَتِسْعِينَ سَنَةً، سَمِعَ الْكَثِيرَ وَأَسْمَعَ، وَتَفَرَّدَ بِالرِّوَايَةِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمَشَايِخِ (١) ، وَكَانَ مِنْ أَعْيَانِ التُّجَّارِ وذوي الثروة.

الفقيه مجد الدين أبو محمد بن طاهر بن نصر بن جميل (٢) ، مدرّس القدس أَوَّلُ مَنْ دَرَّسَ بِالصَّلَاحِيَّةِ، وَهُوَ وَالِدُ الْفُقَهَاءِ بني جميل الدين، كَانُوا بِالْمَدْرَسَةِ الْجَارُوخِيَّةِ، ثُمَّ صَارُوا إِلَى الْعِمَادِيَّةِ والدماعية فِي أَيَّامِنَا هَذِهِ، ثُمَّ مَاتُوا وَلَمْ يَبْقَ إلا شرحهم.

الأمير صارم الدين قايماز ابن عبد الله النجي، كَانَ مِنْ أَكَابِرِ الدَّوْلَةِ الصَّلَاحِيَّةِ، كَانَ عِنْدَ صلاح الدين بمنزلة الأستاذ، وَهُوَ الَّذِي تَسَلَّمَ الْقَصْرَ حِينَ مَاتَ الْعَاضِدُ.

فَحَصَلَ لَهُ أَمْوَالٌ جَزِيلَةٌ جِدًّا، وَكَانَ كَثِيرَ الصَّدَقَاتِ وَالْأَوْقَافِ، تَصَدَّقَ فِي يَوْمٍ بِسَبْعَةِ آلَافِ دِينَارٍ عَيْنًا، وَهُوَ وَاقِفُ الْمَدْرَسَةِ الْقَيْمَازِيَّةِ، شَرْقِيَّ القلعة، وَقَدْ كَانَتْ دَارُ الْحَدِيثِ الْأَشْرَفِيَّةُ دَارًا لِهَذَا الْأَمِيرِ، وَلَهُ بِهَا حَمَّامٌ، فَاشْتَرَى ذَلِكَ الْمَلِكُ الأشرف فيما بعد وَبَنَاهَا دَارَ حَدِيثٍ، وَأَخْرَبَ الْحَمَّامَ وَبَنَاهُ مَسْكَنًا للشيخ المدّرس بها.

ولما توفي قيماز وَدُفِنَ فِي قَبْرِهِ نُبِشَتْ دُورُهُ وَحَوَاصِلُهُ، وَكَانَ متهماً بمال جزيل، فتحصل مَا جُمِعَ مِنْ ذَلِكَ مِائَةُ أَلْفِ دِينَارٍ وَكَانَ يُظَنُّ أَنَّ عِنْدَهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وكان يَدْفِنُ أَمْوَالَهُ فِي الْخَرَابِ مِنْ أَرَاضِي ضِيَاعِهِ وقراياه، سامحه الله.

الأمير لُؤْلُؤٌ أَحَدُ الْحُجَّابِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، كَانَ مِنْ أكابر الأمراء في أيام صلاح الدين، وهو الذي كان متسلم الأسطول في البحر، فَكَمْ مِنْ شُجَاعٍ قَدْ أُسِرَ، وَكَمْ مِنْ مركب قد كسر، وَقَدْ كَانَ مَعَ كَثْرَةِ جِهَادِهِ دَارَّ الصَّدَقَاتِ، كثير النفقات في كل يوم، وقع غلاء بمصر فَتَصَدَّقَ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ رَغِيفٍ، لِاثْنَيْ عَشَرَ ألف نفس.


(١) سمع ابن بيان وابن نبهان وابن زيدان الحلواني (انظر العبر للذهبي وشذرات الذهب) .
(٢) في شذرات الذهب: جهبل، قال: وهو والد بني جهبل الفقهاء الدمشقيون (٤ / ٣٢٤) .
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>