للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السماء وقال آخرون هو الله. وقال آخرون هو ابن الله (١). فالأول هو الحق والقولان الآخران كفر عظيم كما قال: (فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم) [مريم: ٣٧] وقد اختلفوا في نقل الأناجيل على أربعة أقاويل ما بين زيادة ونقصان وتحريف وتبديل. ثم بعد المسيح بثلاثمائة سنة حدثت فيه الطامة العظمى والبلية الكبرى. اختلف البتاركة الأربعة وجميع الأساقفة والقساوسة والشمامسة والرهابين في المسيح على أقوال متعددة لا تنحصر ولا تنضبط. واجتمعوا وتحاكموا إلى الملك قسطنطين باني القسطنطينة وهم المجمع الأول (٢). فصار الملك إلى قول أكثر فرقة اتفقت على قول من تلك المقالات، فسموا الملكية (٣) ودحض من عداهم وأبعدهم وتفردت الفرقة التابعة لعبد الله بن إديوس الذي ثبت على أن عيسى عبد من عباد الله ورسول من رسله فسكنوا البراري والبوادي وبنوا الصوامع والديارات والقلايات وقنعوا بالعيش الزهيد ولم يخالطوا أولئك الملل والنحل وبنت الملكية الكنائس الهائلة عمدوا إلى ما كان من بناء اليونان فحولوا محاربيها إلى الشرق وقد كانت إلى الشمال إلى الحدي.

[بيان بناء بيت لحم والقمامة]

وبنى الملك قسطنطين بيت لحم على محل مولد المسيح وبنت أمه هيلانة القمامة يعني على قبر


(١) تقدم التعليق حول الفرق الثلاث التي اختلفت في رفعه . وقال صاحب الملل والنحل: لما رفع إلى السماء اختلف الحواريون وغيرهم فيه. وإنما اختلافاتهم تعود إلى أمرين:
- كيفية نزوله واتصاله بأمه وتجسد الكلمة.
- كيفية صعوده واتصاله بالملائكة وتوحد الكلمة. ص ١٠٠.
(٢) حضر المجمع الأول بمدينة نيقية ألفان وثمانية وأربعون أسقفا. فتم اختيار ثلاثمائة وثمانية عشر أسقفا متفقين; فوضعوا شرائع النصرانية وكان رئيس هذا المجمع بطرق الإسكندرية. وحضر الاجتماع البطاركة الثلاثة الآخرون: بطرك أنطاكية - بطرك مدينة رومية - بطرك القسطنطينية واتفقوا - على ما قال الشهرستاني وذلك قولهم:
"نؤمن بالله الواحد الآب مالك كل شئ، وصانع ما يرى وما لا يرى وبالابن الواحد يسوع المسيح، ابن الله الواحد، بكر الخلائق كلها، الذي ولد من أبيه قبل العوالم كلها، وليس بمصنوع، إله حق من إله حق، من جوهر أبيه الذي بيده أتقنت العوالم، وخلق كل شئ من أجلنا، ومن أجل معشر الناس، ومن أجل خلاصنا، نزل من السماء وتجسد من روح القدس وصار إنسانا، وحبل به، وولد من مريم البتول، وقتل وصلب أيام فيلاطوس ودفن، ثم قام في اليوم الثالث، وصعد إلى السماء وجلس عن يمين أبيه، وهو مستعد للمجئ تارة أخرى بين الأموات والاحياء، ونؤمن بروح القدس الواحد روح الحق الذي يخرج من أبيه، وبعمودية واحدة لغفران الخطايا وبجماعة واحدة قدسية مسيحية جاثليقية وبقيام أبداننا، وبالحياة الدائمة أبد الآبدين " الملل والنحل ص ١٠١.
(٣) كذا في الأصول، وهم المعروفون في كتب النحل والتفسير بالملكانية. قال الشهرستاني: وهم أصحاب ملكا الذي ظهر بأرض الروم واستولى عليها قالوا: إن الكلمة اتحدت بجسد المسيح. وقالوا: إن المسيح ناسوت كلي لا جزئي (١٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>