للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيوب بن الْقِرِّيَّةِ وَهِيَ أُمُّهُ وَاسْمُ أَبِيهِ يَزِيدُ (١) بْنُ قَيْسِ بْنِ زُرَارَةَ بْنِ مُسْلِمٍ النَّمِرِيُّ الْهِلَالِيُّ، كَانَ أَعْرَابِيًّا أُمِّيًّا، وَكَانَ يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ فِي فَصَاحَتِهِ وَبَيَانِهِ وَبَلَاغَتِهِ، صَحِبَ الْحَجَّاجَ وَوَفَدَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، ثُمَّ بَعَثَهُ رَسُولًا إِلَى ابْنِ الْأَشْعَثِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ الْأَشْعَثِ: لَئِنْ لَمْ تَقُمْ خَطِيبًا فَتَخْلَعُ الْحَجَّاجَ لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ، فَفَعَلَ وَأَقَامَ عِنْدَهُ، فَلَمَّا ظَهَرَ الْحَجَّاجُ اسْتَحْضَرَهُ وَجَرَتْ لَهُ مَعَهُ مَقَامَاتٌ وَمَقَالَاتٌ فِي الْكَلَامِ، ثم آخِرِ الْأَمْرِ ضَرَبَ عُنُقَهُ وَنَدِمَ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَا فَعَلَ مِنْ ضَرْبِ عُنُقِهِ، وَلَكِنْ نَدِمَ حَيْثُ لَا يَنْفَعُهُ النَّدَمُ.

كَمَا قِيلَ: وَجَادَتْ بِوَصْلٍ حِينَ لَا يَنْفَعُ الْوَصْلُ.

وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِهِ وَابْنُ خَلِّكَانَ فِي الْوَفِيَّاتِ وَأَطَالَ تَرْجَمَتَهُ وَذَكَرَ فِيهَا أَشْيَاءَ حَسَنَةً، قَالَ: والقِريِّة بِكَسْرِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وهي جدته (٤) واسمها جماعة بِنْتُ جُشَمَ قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: وَمِنَ النَّاسِ (٣) مَنْ أَنْكَرَ وَجُودَهُ وَوُجُودَ مَجْنُونِ لَيْلَى، وَابْنِ أَبِي الْعَقَبِ صَاحِبِ الْمَلْحَمَةِ، وَهُوَ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْعَقَبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

روح بن زنباع

ابن سلامة الجذامي أبو زرعة ويقال أبوزنباع الدِّمَشْقِيُّ دَارُهُ بِدِمَشْقَ فِي طَرَفِ الْبُزُورِيِّينَ عِنْدَ دار ابن عقب صاحب الملحمة.

وهي تَابِعِيٌّ جَلِيلٌ، رَوَى عَنْ أَبِيهِ - وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ - وَتَمِيمٌ الدَّارِيُّ، وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَمُعَاوِيَةُ وَكَعْبُ الْأَحْبَارِ وَغَيْرُهُمْ، وَعَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ عُبَادَةُ بْنُ نُسَيٍّ.

كَانَ رَوْحٌ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ كَالْوَزِيرِ لَا يَكَادُ يُفَارِقُهُ، وَكَانَ مَعَ أَبِيهِ مَرْوَانَ يَوْمَ مَرْجِ رَاهِطٍ، وَقَدْ أَمَّرَهُ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَلَى جُنْدِ فِلَسْطِينَ، وَزَعَمَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ أَنَّ رَوْحَ بْنَ زِنْبَاعٍ كَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ، وَلَمْ يُتَابَعْ مُسْلِمٌ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ تَابِعِيٌّ وَلَيْسَ بِصَحَابِيٍّ، وَمِنْ مَآثِرِهِ الَّتِي تَفَرَّدَ بِهَا أَنَّهُ كَانَ كُلَّمَا خَرَجَ مِنَ الْحَمَّامِ يُعْتِقُ نِسْمَةً، قَالَ ابْنُ زيد: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ بِالْأُرْدُنِّ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أنَّه بَقِيَ إِلَى أَيَّامِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَقَدْ حَجَّ مَرَّةً فَنَزَلَ عَلَى مَاءٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَأَمَرَ فَأُصْلِحَتْ لَهُ أَطْعِمَةٌ مُخْتَلِفَةُ الْأَلْوَانِ، ثُمَّ وُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَأْكُلُ إِذْ جَاءَ رَاعٍ مِنَ الرُّعَاةِ يَرِدُ الْمَاءَ، فَدَعَاهُ رَوْحُ بْنُ زِنْبَاعٍ إِلَى الْأَكْلِ مِنْ ذَلِكَ الطَّعَامِ، فَجَاءَ الرَّاعِي فَنَظَرَ إِلَى طَعَامِهِ وَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ لَهُ رَوْحٌ: فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ الطَّوِيلِ الشَّدِيدِ الْحَرِّ تَصُومُ يَا رَاعِي؟ فَقَالَ الرَّاعِي: أَفَأَغْبِنُ أيامي من أجل طعامك؟ ثُمَّ إِنَّ الرَّاعِيَ ارْتَادَ لِنَفْسِهِ مَكَانًا فَنَزَلَهُ وَتَرَكَ رَوْحَ بْنَ زِنْبَاعٍ، فَقَالَ رَوْحُ بْنُ زِنْبَاعٍ: - لَقَدْ ضَنِنْتَ بِأَيَّامِكَ يَا رَاعِي * إِذْ جاد بها روح بن زنباع


(١) في ابن خلكان ١ / ٢٥٠: زيد.
وانظر المعارف لابن قتيبة ص ١٧٨.
(٢) في المعارف: القرية أمه.
(٣) انظر الاغاني ٢ / ١١ قال: وقد قيل إن ثلاثة اشخاص شاعت أخبارهم واشتهرت اسماؤهم ولا حقيقة لهم ولا وجود فِي الدُّنْيَا.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>