للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا عذر، ثم دعوتنا إلى نفسك؟ فرجع إلى البيعة لابن الزبير فسقط بذلك عند الناس، وذلك الذي أراد ابن زياد. وكان اجتماع عبيد الله بن زياد به بعد اجتماعه بمروان وتحسينه له أن يدعو إلى نفسه، ثم فارق مروان ليخدع له الضحاك، فنزل عنده بدمشق وجعل يركب إليه كل يوم، ثم أشار ابن زياد على الضحاك أن يخرج من دمشق إلى الصحراء ويدعو بالجيوش إليه ليكون أمكن له، فركب الضحاك إلى مرج راهط فنزل بمن معه من الجنود، وعند ذلك اجتمع بنو أمية ومن اتبعهم بالأردن واجتمع إليهم من هنالك من قوم حسان بن مالك من بني كلب. ولما رأى مروان بن الحكم ما انتظم من البيعة لابن الزبير، وما استوثق له من الملك، عزم على الرحيل إليه لمبايعته وليأخذ منه أمانا لبني أمية، فسار حتى بلغ أذرعات فلقيه ابن زياد مقبلا من العراق فصده عن ذلك وهجن رأيه، واجتمع إليه عمرو بن سعيد بن العاص، وحصين بن نمير، وابن زياد، وأهل اليمن وخلق، فقالوا لمروان: أنت كبير قريش، وخالد بن يزيد غلام، وعبد الله بن الزبير كهل، فإنما يقرع الحديد بعضه ببعض، فلا تناوئه بهذا الغلام، وارم بنحرك في نحره، ونحن نبايعك، ابسط يدك، فبسط يده فبايعوه (١) بالجابية في يوم الأربعاء لثلاث خلون من ذي القعدة سنة أربع وستين، قاله الواقدي، فلما تمهد له الامر سار بمن معه نحو الضحاك بن قيس فالتقيا بمرج راهط فغلبه مروان بن الحكم وقتله وقتل من قيس مقتلة لم يسمع بمثلها، على ما سيأتي تفصيله في أول سنة خمس وستين. فإن الواقدي وغيره قالوا: إنما كانت هذه الوقعة في المحرم من أول سنة خمس وستين. وفي رواية محمد بن سعد: وعن الواقدي وغيره قالوا: إنما كانت في أواخر هذه السنة. وقال الليث بن وسعد والواقدي والمدائني وأبو سليمان بن يزيد وأبو عبيدة وغير واحد: كانت وقعة مرج راهط للنصف من ذي الحجة سنة أربع وستين والله أعلم. وقعة مرج راهط ومقتل الضحاك بن قيس الفهري قد تقدم أن الضحاك كان نائب دمشق لمعاوية بن أبي سفيان، وكان يصلي عنهم إذا اشتغلوا أو غابوا، ويقيم الحدود ويسد الأمور، فلما مات معاوية قام بأعباء بيعة يزيد ابنه، ثم لما مات يزيد بايع الناس لمعاوية بن يزيد، فلما مات معاوية بن يزيد بايعه الناس من دمشق حتى تجتمع الناس على إمام، فلما اتسعت البيعة لابن الزبير عزم على المبايعة له، فخطب الناس يوما وتكلم في يزيد بن معاوية وذمه، فقامت فتنة في المسجد الجامع، حتى اقتتل الناس فيه بالسيوف، فسكن الناس ثم دخل دار الامارة من الخضراء وأغلق عليه الباب، ثم اتفق مع بني أمية على أن يركبوا إلى حسان بن مالك بن بحدل وهو بالأردن فيجتمعوا عنده على من يراه أهلا للامارة، وكان حسان


(١) بايعوه على الخلافة ومن بعده خالد بن يزيد ومن بعده إلى عمرو بن سعيد (مروج الذهب ٣/ ١٠٣. الكامل لابن الأثير ٤/ ١٤٨ والطبري ٧/ ٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>