للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يريد أن يبايع لابن أخته خالد بن يزيد، ويزيد ابن ميسون، وميسون بنت بحدل، أخت حسان، فلما ركب الضحاك معهم انخذل بأكثر الجيش فرجع إلى دمشق فامتنع بها، وبعث إلى أمراء الأجناد فبايعهم لابن الزبير، وسار بنو أمية ومعهم مروان وعمرو بن سعيد، وخالد وعبد الله ابنا يزيد بن معاوية، حتى اجتمعوا بحسان بن مالك بالجابية. وليس لهم قوة طائلة بالنسبة إلى الضحاك بن قيس، فعزم مروان على الرحيل إلى ابن الزبير ليبايعه ويأخذ أمانا منه لبني أمية، فإنه كان قد أمر بإجلائهم عن المدينة، فسار حتى وصل إلى أذرعات فلقيه عبيد الله بن زياد مقبلا من العراق، فاجتمع به ومعه حصين بن نمير، وعمرو بن سعيد بن العاص، فحسنوا إليه أن يدعو إلى نفسه، فإنه أحق بذلك من ابن الزبير الذي قد فارق الجماعة وخلع ثلاثة من الخلفاء، فلم يزالوا بمروان حتى أجابهم إلى ذلك، وقال له عبيد الله بن زياد: وأنا أذهب لك إلى الضحاك إلى دمشق فأخدعه لك وأخذل أمره، فسار إليه وجعل يركب إليه كل يوم ويظهر له الود والنصيحة والمحبة، ثم حسن له أن يدعو إلى نفسه ويخلع ابن الزبير فإنك أحق بالامر منه، لأنك لم تزل في الطاعة مشهورا بالأمانة، وابن الزبير خارج عن الناس، فدعا الضحاك الناس إلى نفسه ثلاثة أيام فلم يصمد معه، فرجع إلى الدعوة لابن الزبير، ولكن انحط بها عند الناس، ثم قال له ابن زياد: إن من يطلب ما تطلب لا ينزل المدن والحصون، وإنما ينزل الصحراء ويدعو إليه بالجنود، فبرز الضحاك إلى مرج راهط فنزله، وأقام ابن زياد بدمشق وبنو أمية بتدمر، وخالد وعبد الله عند خالهم حسان بالجابية، فكتب ابن زياد إلى مروان يأمره أن يظهر دعوته، فدعا إلى نفسه، وتزوج بأم خالد بن يزيد (١) - وهي أم هاشم. بنت هاشم بن عتبة بن ربيعة - فعظم أمره وبايعه الناس، واجتمعوا عليه، وسار إلى مرج راهط نحوه الضحاك بن قيس، وركب إليه عبيد الله بن زياد وأخوه عباد بن زياد، حتى اجتمع مع مروان ثلاثة عشر ألفا، وبدمشق من جهته يزيد بن أبي النمر (٢)، وقد أخرج عامل الضحاك منها وهو يمد مروان بالسلاح والرجال وغير ذلك. ويقال كان نائبه على دمشق يومئذ عبد الرحمن بن أم الحكم، وجعل مروان على ميمنته عبيد الله بن زياد، وعلى ميسرته عمرو بن سعيد بن العاص (٣)، وبعث الضحاك إلى النعمان بن بشير فأمده النعمان بأهل حمص عليهم شرحبيل بن ذي الكلاع. وركب إليه زفر بن الحارث الكلابي في أهل قنسرين. فكان الضحاك في ثلاثين ألفا، على ميمنته زياد بن عمرو العقيلي، وعلى ميسرته زكريا بن شمر الهلالي، فتصافوا وتقاتلوا بالمرج عشرين يوما، يلتقون بالمرج في كل يوم فيقتتلون قتالا شديدا،


(١) في الاخبار الطوال ص ٢٨٥، ومروج الذهب ٣/ ١٠٧ والفخري ص ١١٩ والإمامة والسياسة ص ٢/ ١٦: تزوج بأم خالد بن يزيد بعد مبايعة الناس له، وما زواجه بها - حسب رأي أصحابه له - إلا إذلالا لابنها خالد وليضع من قدره وليصغر بذلك من شأنه فيسقط عن درجة الخلافة.
(٢) في الطبري ٧/ ٣٩ يزيد بن أبي نمس وفي الكامل ٤/ ١٤٩: يزيد بن أبي الغمس.
(٣) في الكامل ٤/ ١٤٩: على ميمنته عمرو بن سعيد وعلى ميسرته عبيد الله بن زياد (الطبري ٧/ ٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>