للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الشيخ أبو عمرو بن الحاجب]

المالكي عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس الرويني ثم المصري، العلامة أبو عمرو شيخ المالكية كان أبوه صاحبا (١) للأمير عز الدين موسك الصلاحي، واشتغل هو بالعلم فقرأ القراءات وحرر النحو تحريرا بليغا، وتفقه وساد أهل عصره، ثم كان رأسا في علوم كثيرة، منها الأصول والفروع والعربية والتصريف والعروض والتفسير وغير ذلك. وقد كان استوطن دمشق في سنة سبع عشرة وستمائة، ودرس بها للمالكية بالجامع حتى كان خروجه بصحبة الشيخ عز الدين بن عبد السلام في سنة ثمان وثلاثين، فصارا إلى الديار المصرية حتى كانت وفاة الشيخ أبي عمرو في هذه السنة بالإسكندرية، ودفن بالمقبرة التي بين المنارة والبلد. قال الشيخ شهاب الدين أبو شامة: وكان من أذكى الأئمة قريحة، وكان ثقة حجة متواضعا عفيفا كثير الحياء منصفا محبا للعلم وأهله، ناشرا له محتملا للأذى صبورا على البلوى، قدم دمشق مرارا آخرها سنة سبع عشرة، فأقام بها مدرسا للمالكية وشيخا للمستفيدين عليه في علمي القراءات والعربية، وكان ركنا من أركان الدين في العلم والعمل، بارعا في العلوم متقنا لمذهب مالك بن أنس رحمه الله تعالى. وقد أثنى عليه ابن خلكان ثناء كثيرا، وذكر أنه جاء إليه في أداء شهادة حين كان نائبا في الحكم بمصر وسأله عن مسألة اعتراض الشرط على الشرط، إذا قال: إن أكلت إن شربت فأنت طالق، لم كان يقع الطلاق حين شربت أولا؟ وذكر أنه أجاب عن ذلك في تؤدة وسكون. قلت ومختصره في الفقه من أحسن المختصرات، انتظم فيه فوائد ابن شاش، ومختصره في أصول الفقه، استوعب فيه عامة فوائد الاحكام لسيف الدين الآمدي، وقد من الله تعالى علي بحفظه وجمعت كراريس في الكلام على ما أودعه فيه من الأحاديث النبوية، ولله الحمد. وله شرح المفصل والأمالي في العربية والمقدمة المشهورة في النحو، اختصر فيها مفصل الزمخشري وشرحها، وقد شرحها غيره أيضا، وله التصريف وشرحه، وله عروض على وزن الشاطبية ورضي عنه.

[ثم دخلت سنة سبع وأربعين وستمائة]

فيها كانت وفاة الملك الصالح أيوب (٢)، وقتل ابنه توران شاه (٣) وتولية المعز عز الدين أيبك التركماني (٤). وفي رابع المحرم يوم الاثنين توجه الملك الصالح من دمشق إلى الديار المصرية في


(١) في بدائع الزهور ١/ ١/ ٢٧٧: حاجبا للأمير يوشك الصلاحي. (انظر تاريخ أبي الفداء ٣/ ١٧٨).
(٢) توفي ليلة الأحد ل ١٤ ليلة مضت من شعبان وكانت مدة مملكته للديار المصرية تسع سنين وثمانية أشهر وعشرين يوما وكان عمره نحو ٤٤ سنة. (تاريخ أبي الفداء - بدائع الزهور).
(٣) وكان ذلك ٩ محرم سنة ثمان وأربعين، (بدائع الزهور ١/ ١/ ٢٨٥) وقال أبو الفداء في تاريخه: يوم الاثنين لليلة بقيت من المحرم يعني سنة ٦٤٨ (٣/ ١٨١).
(٤) بعد قتل تورانشاه اتفق الامراء والعسكر على تولية شجرة الدر زوجة الملك الصالح أيوب وعلى أن يكون أيبك التركماني مدبر المملكة معها. ثم تنازلت شجرة الدر وتزوجت بأيبك وبويع بالسلطنة له بعد خلع شجرة الدر وذلك يوم السبت آخر ربيع الآخرة سنة ٦٤٨. (بدائع الزهور - تاريخ أبي الفداء).

<<  <  ج: ص:  >  >>