للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهب بن منبه ومجاهد بنحوه. وروى ابن عساكر عنه أنه قال: إن أهل الجنة لا ينامون للذة ما هم فيه من النعيم فكذا ينبغي للصديقين أن لا يناموا لما في قلوبهم من نعيم المحبة لله ﷿. ثم قال كم بين النعيمين وكم بينهما وذكروا أنه كان كثير البكاء حتى أثر البكاء في خديه من كثرة دموعه.

[بيان سبب قتل يحيى ]

وذكروا في قتله أسبابا من أشهرها: أن بعض ملوك ذلك الزمان بدمشق كان يريد أن يتزوج ببعض محارمه (١)، أو من لا يحل له تزويجها فنهاه يحيى عن ذلك فبقي في نفسها (٢) منه. فلما كان بينها وبين الملك ما يحب منها استوهبت منه دم يحيى فوهبه لها فبعثت إليه من قتله وجاء برأسه ودمه في طشت إلى عندها فيقال إنها هلكت من فورها وساعتها. وقيل بل أحبته امرأة ذلك الملك وراسلته فأبى عليها فلما يئست منه تحيلت في أن استوهبته من الملك فتمنع عليها الملك ثم أجابها إلى ذلك فبعث من قتله وأحضر إليها رأسه ودمه في طشت. وقد ورد معناه في حديث رواه إسحاق بن بشر في كتابه " المبتدأ " حيث قال: أنبأنا يعقوب الكوفي، عن عمرو بن ميمون، عن أبيه، عن ابن عباس أن رسول الله ليلة أسري به رأى زكريا في السماء فسلم عليه وقال له يا أبا يحيى خبرني عن قتلك كيف كان ولم قتلك بنو إسرائيل. قال: يا محمد أخبرك أن يحيى كان خير أهل زمانه وكان أجملهم وأصبحهم وجها وكان كما قال الله تعالى: (سيدا وحصورا) وكان لا يحتاج إلى النساء فهوته امرأة ملك بني إسرائيل وكانت بغية فأرسلت إليه وعصمه الله وامتنع يحيى وأبى عليها فأجمعت على قتل يحيى ولهم عيد يجتمعون في كل عام وكانت سنة الملك أن يوعد ولا يخلف ولا يكذب. قال فخرج الملك إلى العيد فقامت امرأته فشيعته وكان بها معجبا ولم تكن تفعله فيما مضى فلما أن شيعته قال الملك سليني فما سألتني شيئا إلا أعطيتك قالت: أريد دم يحيى بن زكريا قال لها: سليني غيره قالت: هو ذاك قال هو لك، قال: فبعثت جلاوزتها إلى يحيى وهو في محرابه يصلي وأنا إلى جانبه أصلي قال: فذبح في طشت وحمل رأسه ودمه إليها. قال: فقال رسول الله فما بلغ من صبرك قال ما انفتلت من صلاتي قال: فلما حمل رأسه إليها فوضع بين يديها فلما أمسوا خسف الله بالملك وأهل بيته وحشمه فلما أصبحوا قالت بنو إسرائيل قد غضب إله


(١) قال الطبري: عن ابن عباس قال: بعث عيسى بن مريم يحيى بن زكريا في اثني عشر من الحواريين يعلمون الناس فكان فيما نهوهم عنه نكاح ابنة الأخ. وكان لملكهم (واسمه: هيرودس) ابنة أخ يريد أن يتزوجها فنهاه يحيى. راجع الكامل لابن الأثير ج ١/ ٣٠١ - ٣٠٢.
(٢) كذا في الأصول، والصواب كما يقتضيه السياق: في نفسه.
(تعليق الشاملة): ما في الأصول صحيح. وقد نقل المعلق نفسه في الحاشية التالية: «فحقدت عليه المرأة»
(٣) جاء في الطبري والكامل: عن السدي: أن الملك أراد أن يتزوج ابنة امرأة له فنهاه يحيى عن ذلك وقال له: لا تحل لك. فحقدت عليه المرأة وطلبت قتله.
وقال ابن قتيبة في المعارف ص ٢٤ - أن أحب ملك بني إسرائيل قتله بحيلة امرأته ازبيل في قتله.
أما المسعودي فذكر حادثة القتل دون تعليق.

<<  <  ج: ص:  >  >>