للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اخْتِيَارَهُ إِنَاءَ اللَّبَنِ عَلَى إِنَاءِ الْخَمْرِ وَقَوْلَ جِبْرِيلَ لَهُ هُدِيتَ وَهُدِيَتْ أُمَّتُكَ، وَحُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْخَمْرُ.

قَالَ: ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَكَّةَ، فَأَصْبَحَ يُخْبِرُ قُرَيْشًا بِذَلِكَ فَذَكَرَ أَنَّهُ كَذَّبَهُ أَكْثَرُ النَّاسِ وَارْتَدَّتْ طَائِفَةٌ بَعْدَ إِسْلَامِهَا، وَبَادَرَ الصِّدِّيقُ إِلَى التَّصْدِيقِ وَقَالَ إِنِّي لَأُصَدِّقُهُ فِي خَبَرِ السَّمَاءِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً أَفَلَا أُصَدِّقُهُ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَذَكَرَ أَنَّ الصِّدِّيقَ سَأَلَهُ عَنْ صِفَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَذَكَرَهَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَيَوْمَئِذٍ سُمِّيَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقَ.

قَالَ الْحَسَنُ وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ: (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً للناس) الْآيَةَ.

وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِيمَا بَلَغَهُ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ.

أَنَّهَا قَالَتْ: مَا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ بيتي نام عندي تلك الليلة بعدما صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ، فَلَمَّا كَانَ قُبَيْلَ الْفَجْرِ أَهَبَّنَا (١) فَلَمَّا صَلَّى (٢) الصُّبْحَ وَصَلَّيْنَا مَعَهُ.

قَالَ: يا أم هاني، لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَكُمُ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ فِي هَذَا الْوَادِي ثُمَّ جِئْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَصَلَّيْتُ فِيهِ ثُمَّ قَدْ صَلَّيْتُ الْغَدَاةَ مَعَكُمُ الْآنَ كَمَا تَرَيْنَ " ثمَّ قَامَ لِيَخْرُجَ فَأَخَذْتُ بِطَرَفِ رِدَائِهِ فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَا تُحَدِّثْ بِهَذَا الحديث الناس فيكذبونك ويؤذونك.

قَالَ: " وَاللَّهِ لَأُحَدِّثَنَّهُمُوهُ " فَأَخْبَرَهُمْ فَكَذَّبُوهُ.

فَقَالَ وَآيَةُ ذَلِكَ أَنِّي مَرَرْتُ

بَعِيرِ بَنِي فُلَانٍ بِوَادِي كَذَا وَكَذَا، فَأَنْفَرَهُمْ حِسُّ الدَّابَّةِ فَنَدَّ لَهُمْ بعير فدللتهم عليه وأنا متوجه إِلَى الشَّامِ، ثُمَّ أَقْبَلْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِضَجْنَانَ (٣) مَرَرْتُ بَعِيرِ بَنِي فُلَانٍ فَوَجَدْتُ الْقَوْمَ نِيَامًا وَلَهُمْ إِنَاءٌ فِيهِ مَاءٌ قَدْ غَطُّوا عليه بشئ فَكَشَفْتُ غِطَاءَهُ وَشَرِبْتُ مَا فِيهِ، ثُمَّ غَطَّيْتُ عَلَيْهِ كَمَا كَانَ.

وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّ عِيرَهُمْ تصوب الْآنَ مِنْ ثَنِيَّةِ التَّنْعِيمِ الْبَيْضَاءِ (٤) يَقَدَمُهَا جَمَلٌ أَوْرَقُ عَلَيْهِ غِرَارَتَانِ إِحْدَاهُمَا سَوْدَاءُ وَالْأُخْرَى بَرْقَاءُ.

قال: فَابْتَدَرَ الْقَوْمُ الثَّنِيَّةَ فَلَمْ يَلْقَهُمْ أَوَّلُ مِنَ الْجَمَلِ الَّذِي وَصَفَ لَهُمْ، وَسَأَلُوهُمْ عَنِ الْإِنَاءِ وَعَنِ الْبَعِيرِ فَأَخْبَرُوهُمْ كَمَا ذَكَرَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.

وَذَكَرَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أَسْبَاطٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ أَنَّ الشَّمْسَ كَادَتْ أَنْ تَغْرُبَ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ ذَلِكَ الْعِيرُ، فدعا الله عزوجل فَحَبَسَهَا حَتَّى قَدِمُوا كَمَا وَصَفَ لَهُمْ.

قَالَ فَلَمْ تَحْتَبِسِ الشَّمْسُ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا عَلَيْهِ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَعَلَى يُوشَعَ بْنِ نُونٍ.

رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَأَخْبَرَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " لمَّا فَرَغْتُ ممَّا كَانَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ أُتِيَ بِالْمِعْرَاجِ وَلَمْ أَرَ شَيْئًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ، وَهُوَ الَّذِي يَمُدُّ إِلَيْهِ مَيِّتُكُمْ عَيْنَيْهِ إِذَا حُضِرَ، فَأَصْعَدَنِي فِيهِ صَاحِبِي، حَتَّى انْتَهَى بِي إلى باب من أبواب السماء، يقال


(١) أهبنا: أيقظنا.
(٢) من ابن هشام، وفي الاصل، كان الصبح.
(٣) من ابن هشام، وفي الاصل صحنان.
وضجنان بالتحريك: جبل بناحية تهامة قال الواقدي: بين ضجنان ومكة خمسة وعشرون ميلا.
(٤) التنعيم موضع بمكة في الجبل، وهو بين مكة وسرف على فرسخين من مكة.
والبيضاء عقبة - فيه - قرب مكة، اسفل مكة من قبل ذي طوى وأنت مقبل إليها من المدينة.
(راجع معجم البلدان) .
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>