للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: لَا؟ قُلْتُ ابْنُ عَمِّكَ عليَّ؟ قَالَ: لَا! قَالَتْ قُلْتُ عُثْمَانُ؟ قَالَ: نَعَمْ! فلمَّا جَاءَ قَالَ: تنحَّى فَجَعَلَ يسَّاره وَلَوْنُ عُثْمَانَ يَتَغَيَّرُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الدَّارِ وَحُصِرَ فِيهَا، قلنا: يا أمير المؤمنين ألا تقاتل؟ قال: لَا! إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم عَهِدَ إليَّ عَهْدًا وَإِنِّي صَابِرٌ نَفْسِي عَلَيْهِ (١) " تفرَّد بِهِ أَحْمَدُ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عائد الدِّمشقيّ: حدَّثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ثَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَمْرٍو أنه سمع أبا ثور الفقيمي يَقُولُ: قَدِمْتُ عَلَى عُثْمَانَ فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ فَخَرَجْتُ فَإِذَا بِوَفْدِ أَهْلِ مِصْرَ قَدْ رَجَعُوا فدخلت على عثمان فأعلمته، قال: فكيف رَأَيْتَهُمْ؟ فَقُلْتُ: رَأَيْتُ فِي وُجُوهِهِمُ الشَّرَّ، وَعَلَيْهِمُ ابْنُ عُدَيْسٍ الْبَلَوِيُّ، فَصَعِدَ ابْنُ عُدَيْسٍ مِنْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى بِهِمُ الْجُمُعَةَ، وَتَنَقَّصَ عُثْمَانَ فِي خُطْبَتِهِ، فَدَخَلْتُ على عثمان فأخبرته بما قال فِيهِمْ، فَقَالَ: كَذَبَ وَاللَّهِ ابْنُ عُدَيْسٍ، وَلَوْلَا ما ذكر ما ذكرت، إني رابع أَرْبَعَةٍ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَقَدْ أَنْكَحَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَتَهُ ثُمَّ تُوُفِّيَتْ فأنكحني ابنته الأخرى، وَلَا زَنَيْتُ وَلَا سَرَقْتُ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إسلام، ولا تعنيت وَلَا تَمَنَّيْتُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلَا مَسَسْتُ فَرْجِي بِيَمِينِي مُنْذُ بَايَعْتُ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَقَدْ جَمَعْتُ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَتَتْ عَلَيَّ جُمُعَةٌ إِلَّا وَأَنَا أُعْتِقُ فِيهَا رَقَبَةً مُنْذُ أَسْلَمْتُ، إِلَّا أَنْ لَا أَجِدَهَا فِي تِلْكَ الْجُمُعَةِ فَأَجْمَعَهَا فِي الْجُمُعَةِ الثَّانِيَةِ.

وَرَوَاهُ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، قَالَ: لَقَدِ اخْتَبَأْتُ عِنْدَ رَبِّي عَشْرًا، فَذَكَرَهُنَّ.

فَصْلٌ كَانَ الْحِصَارُ مُسْتَمِرًّا مِنْ أَوَاخِرَ ذِي الْقِعْدَةِ إِلَى يَوْمِ الْجُمُعَةَ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ، قَالَ عُثْمَانُ لِلَّذِينِ عِنْدَهُ فِي الدَّارِ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ - وَكَانُوا قَرِيبًا مِنْ سَبْعِمِائَةٍ، فِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَمَرْوَانُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَخَلْقٌ مِنْ مَوَالِيهِ، وَلَوْ تَرَكَهُمْ لَمَنَعُوهُ فَقَالَ لَهُمْ: أُقْسِمَ عَلَى مَنْ لِي عَلَيْهِ حَقٌّ أَنْ يَكُفَّ يَدَهُ وَأَنْ يَنْطَلِقَ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَعِنْدَهُ مِنْ أَعْيَانِ الصَّحَابَةِ وَأَبْنَائِهِمْ جَمٌّ غَفِيرٌ، وَقَالَ لِرَقِيقِهِ: مَنْ أَغْمَدَ سَيْفَهُ فَهُوَ حُرٌّ.

فَبَرُدَ القتال من داخل، وَحَمِيَ مِنْ خَارِجٍ، وَاشْتَدَّ الْأَمْرُ، وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ عُثْمَانَ رَأَى فِي الْمَنَامِ رُؤْيَا دَلَّتْ عَلَى اقْتِرَابِ أَجَلِهِ فَاسْتَسْلَمَ لِأَمْرِ اللَّهِ رجاء موعوده، وشقا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ، وليكون خيراً بني آدَمَ حَيْثُ قَالَ حِينَ أَرَادَ أَخُوهُ قَتْلَهُ: * (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ، وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ) * [المائدة: ٢٩] وَرُوِيَ أَنَّ آخِرَ مَنْ خَرَجَ مِنْ عِنْدِ عُثْمَانَ مِنَ الدَّارِ، بَعْدَ أَنْ عَزَمَ عَلَيْهِمْ في الخروج، الحسن بن علي وقد خرج، وَكَانَ أَمِيرَ الْحَرْبِ عَلَى أَهْلِ الدَّارِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.

وَرَوَى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ أَوْ نَافِعٍ أن ابن


(١) الحديث في مسند أحمد ج ٦ / ٥٢ وأخرجه ابن سعد عن أبي سهلة مولى عثمان من طريق حماد بن اسامة ٣ / ٦٦.
وفيه قال أبو سهلة: وانهم يرون انه ذلك اليوم، يوم حصاره في الدار.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>