للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعشرون سنة، وكان صينا دينا لا يقبل من أحد هدية ولا من الخليفة، وكان يذكر أنه سمع من أبي عبد الله بن منده، وله شعر حسن فمنه:

تصابى برهة من بعد شيب … فما أغنى المشيب عن التصابي

وسود عارضيه بلون خضب … فلم ينفعه تسويد الخضاب

وأبدى للأحبة كل لطف … فما زادوا سوى فرط اجتناب

سلام الله عودا بعد بدئ … على أيام ريعان الشباب

تولى عزمه يوما وأبقى … بقلبي حسرة ثم اكتئاب

[علي بن المحسن بن علي]

ابن محمد بن أبي الفهم أبو القاسم التنوخي، قال ابن الجوزي: وتنوخ اسم لعدة قبائل اجتمعوا بالبحرين، وتحالفوا على التناصر والتآزر، فسموا تنوخا (١). ولد بالبصرة سنة خمس وخمسين (٢) وثلاثمائة، وسمع الحديث سنة سبعين، وقبلت شهادته عند الحكام في حداثته، وولي القضاء بالمدائن وغيرها، وكان صدوقا محتاطا، إلا أنه كان يميل إلى الاعتزال والرفض.

[ثم دخلت سنة ثمان وأربعين وأربعمائة]

في يوم الخميس لثمان بقين من المحرم عقد الخليفة على خديجة بنت أخي السلطان طغرلبك على صداق مائة ألف دينار، وحضر هذا العقد عميد الملك الكندري، وزير طغرلبك، وبقية العلويين وقاضي القضاة الدامغاني والماوردي، ورئيس الرؤساء ابن المسلمة. فلما كان شعبان ذهب رئيس الرؤساء إلى الملك طغرلبك وقال له: أمير المؤمنين يقول لك قال الله تعالى (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) [النساء: ٥٨] وقد أمرني أن أنقل الوديعة إلى داره العزيزة، فقال: السمع والطاعة، فذهبت أم الخليفة لدار الملك لاستدعاء العروس، فجاءت معها وفي خدمتها الوزير عميد الملك والحشم، فدخلوا داره وشافه الوزير الخليفة عن عمها وسأله اللطف بها والاحسان إليها، فلما دخلت إليه قبلت الأرض مرارا بين يديه، فأدناها إليه وأجلسها إلى جانبه، وأفاض عليها خلعا سنية وتاجا من جوهر ثمين، وأعطاها من الغد مائة ثوب ديباجا، وقصبات من


(١) قال أبو عبيد: التتنخ المقام، وتنوخ ثلاث أبطن: نزار والاحلاف وفهمي سموا بذلك لأنهم حلفوا على المقام بمكان بالشام. وقال الجوهري: هم حي من اليمن يعني من القحطانية. وقال أبو الفداء: إنهم من قضاعة، وقال ابن حزم: تنوخ: مجتمعة من عدة بطون (نهاية الإرب للقلقشندي وجمهرة أنساب العرب).
(٢) في الكامل ٩/ ٦١٥: وستين.

<<  <  ج: ص:  >  >>