للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها توفي: الْجَاحِظُ الْمُتَكَلِّمُ الْمُعْتَزِلِيُّ وَإِلَيْهِ تُنْسَبُ الْفِرْقَةُ الْجَاحِظِيَّةُ لِجُحُوظِ عَيْنَيْهِ، وَيُقَالُ لَهُ الْحَدَقِيُّ وَكَانَ شَنِيعَ المنظر سيئ المخبر ردئ الاعتقاد، ينسب إلى البدع والضلالات، وربما جاز به بعضهم إلى الانحلال حتى قيل فِي الْمَثَلِ يَا وَيْحَ مَنْ كَفَّرَهُ الْجَاحِظُ.

وكان بارعاً فاضلاً قد أتقن علوم كَثِيرَةً وَصَنَّفَ كُتُبًا جَمَّةً تَدُلُّ عَلَى قُوَّةِ ذِهْنِهِ وَجَوْدَةِ تَصَرُّفِهِ.

وَمِنْ أَجَلِّ كُتُبِهِ كِتَابُ الْحَيَوَانِ، وَكِتَابُ الْبَيَانِ وَالتَّبْيِينِ.

قَالَ ابْنُ خِلِّكَانَ: وهما أحسن مصنفاته وَقَدْ أَطَالَ تَرْجَمَتَهُ بِحِكَايَاتٍ ذَكَرَهَا عَنْهُ.

وَذَكَرَ أَنَّهُ أَصَابَهُ الْفَالِجُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ وَحَكَى أَنَّهُ قَالَ: أَنَا مِنْ جَانِبِي الْأَيْسَرِ مَفْلُوجٌ لَوْ قُرِضَ بِالْمَقَارِيضِ مَا عَلِمْتُ، وَجَانِبِي الْأَيْمَنُ منقرس لو مرت به ذبابة لآلمتني، وَبِي حَصَاةٌ، وَأَشَدُّ مَا عَلَيَّ سِتٌّ وَتِسْعُونَ (١) سَنَةً.

وَكَانَ يُنْشِدُ: أَتَرْجُو أَنْ تَكُونَ وَأَنْتَ شَيْخٌ * كَمَا قَدْ كُنْتَ أَيَّامَ الشَّبَابِ لَقَدْ كَذَبَتْكَ نَفْسُكَ لَيْسَ ثَوْبٌ * دَرِيسٌ كَالْجَدِيدِ مِنَ الثياب وفيها توفِّي عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ (٢) ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ الطُّوسِيُّ (٣) ، وَالْخَلِيفَةُ أَبُو عبد الله المعتز بن المتوكل، ومحمد بن عبد الرحيم الملقب صاعقة (٤) .

محمد بن كرام الَّذِي تُنْسَبُ إِلَيْهِ الْفِرْقَةُ الْكَرَّامِيَّةُ (٥) .

وَقَدْ نُسِبَ إليه جواز وضع الأحاديث على الرسول وَأَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِمْ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ كَرَّامٍ - بِفَتْحِ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ، عَلَى وَزْنِ جَمَّالٍ - بْنِ عراف بن حزامة بْنِ الْبَرَاءِ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ السِّجِسْتَانِيُّ الْعَابِدُ، يقال أنه من بني تراب، ومنهم من يقول محمد بن


(١) كذا بالاصل وابن خلكان، وفي مروج الذهب ٤ / ٢٢٣: نيف وسبعون سنة، يعني عمره.
(٢) السمرقندي الحافظ الثقة صاحب المسند المشهور.
قال أبو حاتم: هو إمام أهل زمانه.
سمع النضر بن شميل ويزيد بن هارون وطبقتهما.
قال ابن الأثير: توفي في ذي الحجة وعمره (٧٥) سنة.
(٣) أبو عبد الرحمن، سكن نيسابور، صاحب حديث، وثقه ابن حجر في التقريب وقال: مات سنة بضع وخمسين ومائتين.
(٤) أبو يحيى البغدادي البزاز كان أحد الثقات الأثبات المجودين سمع عبد الوهاب بن عطاء الخفاف وطبقته مات وله (٧٠) سنة.
(٥) قال في الفرق بين الفرق: قالت بتجسيم المعبود، وزعمت أنه جسم له حد ونهاية من تحته والجهة التي منها يلاقي عرشه.
ووصف ابن كرام معبوده: أنه جوهر، قال: إن الله تعالى أحدي الذات أحدي الجوهر.
ويقول: أن الله لم يزل خالقا رازقا على الاطلاق، وأنَّ الله تعالى لم يزل معبودا ولم يكن في الازل معبود العابدين.
ص (١٦١ وما بعدها) (*) .

<<  <  ج: ص:  >  >>