للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْدَى عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي هَدَايَاهُ جَمَلًا لِأَبِي جَهْلٍ فِي رَأْسِهِ بُرَّةٌ مِنْ فِضَّةٍ لِيَغِيظَ بِذَلِكَ الْمُشْرِكِينَ.

هَذَا سِيَاقُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ رَحِمَهُ اللَّهُ لِهَذِهِ الْقِصَّةِ، وَفِي سِيَاقِ الْبُخَارِيِّ كَمَا سَيَأْتِي مُخَالَفَةٌ فِي بَعْضِ الْأَمَاكِنِ لِهَذَا السِّيَاقِ كما ستراها إن شاء الله وبه الثقة.

ولنوردها بتمامها ونذكر في الأحاديث الصحاح والحسان ما فيه ... إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ وَهُوَ الْمُسْتَعَانُ.

قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، حدَّثنا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام الحديبية فأصابنا مطر ذات ليلة فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصبح، ثم أقبل علينا بوجهه فقال: أتدرون ماذا قال ربكم؟ فقلنا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.

فَقَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِي،

فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِرَحْمَةِ اللَّهِ وَبِرِزْقِ اللَّهِ وَبِفَضْلِ اللَّهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَجْمِ كَذَا فَهُوَ مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ كَافِرٌ بِي (١) .

وَهَكَذَا رَوَاهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ صَحِيحِهِ، وَمُسْلِمٌ مِنْ طُرُقٍ عَنِ الزُّهري، وَقَدْ رَوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: تعدون الْفَتْحَ فَتْحَ مَكَّةَ وَقَدْ كَانَ فَتْحُ مَكَّةَ فَتْحًا، وَنَحْنُ نَعُدُّ الْفَتْحَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً وَالْحُدَيْبِيَةُ بِئْرٌ فَنَزَحْنَاهَا فَلَمْ نَتْرُكْ فِيهَا قَطْرَةً فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَاهَا فَجَلَسَ عَلَى شَفِيرِهَا، ثُمَّ دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ مَاءٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ مَضْمَضَ وَدَعَا ثُمَّ صَبَّهُ فِيهَا فَتَرَكْنَاهَا غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ إِنَّهَا أَصْدَرَتْنَا مَا شِئْنَا نَحْنُ وَرِكَابَنَا.

انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ.

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً) [الْفَتْحِ: ٢٧] : صُلْحُ الْحُدَيْبِيَةِ.

قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَمَا فُتِحَ فِي الْإِسْلَامِ فَتْحٌ قَبْلَهُ كَانَ أَعْظَمَ مِنْهُ، إِنَّمَا كَانَ الْقِتَالُ حَيْثُ الْتَقَى النَّاسُ، فَلَمَّا كانت الهدنة ووضعت الحرب أوزارها وأمن الناس كلم بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَالْتَقَوْا فَتَفَاوَضُوا فِي الْحَدِيثِ وَالْمُنَازَعَةِ فَلَمْ يُكَلَّمْ أَحَدٌ فِي الْإِسْلَامِ يَعْقِلُ شَيْئًا إِلَّا دَخَلَ فِيهِ وَلَقَدْ دَخَلَ فِي تَيْنَكِ السَّنَتَيْنِ مِثْلُ مَنْ كَانَ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرُ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا قَالَهُ الزُّهْرِيُّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى الحديبية في ألف وأربع مائة رَجُلٍ فِي قَوْلِ جَابِرٍ، ثُمَّ خَرَجَ عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَنَتَيْنِ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: عَطِشَ النَّاس يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ ركوة فتوضأ منها، ثم أقبل


(١) أخرجه البخاري في ٦٤ كتاب المغازي ٣٥ باب ح ٤١٤٧.
وأخرجه في الصلاة عن القعنبي وفي التوحيد مختصرا عن مسدد.
ومسلم في (١) كتاب الايمان ٣٢ عن يحيى بن يحيى (ح ١٢٥) .
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>