للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو نُوَاسٍ الشَّاعِرُ وَاسْمُهُ الْحَسَنُ بْنُ هَانِئِ (١) بْنِ صَبَاحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَرَّاحِ بْنِ هنب بن داود بن غنم بن سليم، ونسبه عبد الله بن سعد إلى الْجَرَّاحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَكَمِيِّ، وَيُقَالُ لَهُ أَبُو نُوَاسٍ الْبَصْرِيُّ، كَانَ أَبُوهُ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ مِنْ جُنْدِ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ، ثمَّ صَارَ إِلَى الْأَهْوَازِ وَتَزَوَّجَ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا جلبان (٢) ، فولدت له أبا نواس وابنا آخر يقال له أبا مُعَاذٍ، ثُمَّ صَارَ أَبُو نُوَاسٍ إِلَى الْبَصْرَةِ فَتَأَدَّبَ بِهَا عَلَى أَبِي زَيْدٍ وَأَبِي عُبَيْدَةَ، وَقَرَأَ كِتَابَ سِيبَوَيْهِ وَلَزِمَ خَلَفًا الْأَحْمَرَ، وَصَحِبَ يونس بن حبيب الجرمي النحوي.

وقد قال القاضي ابن خلكان: صحب أبا أسامة وابن الحباب الكوفي، وَرَوَى الْحَدِيثَ عَنْ أَزْهَرَ بْنِ سَعْدٍ، وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وَعَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ، وَمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَيَحْيَى الْقَطَّانِ وعنه محمد بن إبراهيم بن كثير الصوفي.

وحدَّث عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وغندر ومشاهير العلماء ومن مشاهير حديثه ما روا محمد بن إبراهيم بن كثير الصوفي، عَنْ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم: (لَا يموتنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ، فَإِنَّ حُسْنَ الظَّنِّ بِاللَّهِ ثَمَنُ الْجَنَّةِ) (٣) .

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: دَخَلْنَا عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُ صَالِحُ بْنُ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ: يَا أَبَا عَلِيٍّ! أَنْتَ الْيَوْمَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا وَأَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْآخِرَةِ، وَبَيْنَكَ وَبَيْنَ الله هنات، فتب إلى الله من عملك.

فقال: إياي تخوف؟ بالله أسندوني.

قال: فأسندناه فَقَالَ: حَدَّثَنِي حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: (لِكُلِّ نَبِيٍّ شَفَاعَةً وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ) (٤) .

ثُمَّ قَالَ: أفلا تراني مِنْهُمْ.

وَقَالَ أَبُو نُوَاسٍ: مَا قُلْتُ الشِّعْرَ حتى رويت عن ستين امرأة منهن خنساء وليلى، فما الظن بِالرِّجَالِ، وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ السِّكِّيتِ:

إِذَا رَوَيْتَ الشِّعْرَ عَنِ امْرِئِ الْقَيْسِ وَالْأَعْشَى مِنْ أَهْلِ الجاهلية، ومن الإسلاميين جرير وَالْفَرَزْدَقِ، وَمِنَ الْمُحْدَثِينَ عَنْ أَبِي نُوَاسٍ فَحَسْبُكَ.

وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْأَصْمَعِيُّ والجاحظ والنظام.

قال أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ: لَوْلَا أنَّ أَبَا نُوَاسٍ أفسد شعره بما وضع فيه من الأقذار لاحتججنا به - يعني شعره الذي قاله في الخمريات والمردان، وقد كان يميل إليهم - ونحو ذلك مما هو معروف في شعره.

واجتمع طائفة من الشعراء عند المأمون فقيل لَهُمْ: أَيُّكُمُ الْقَائِلُ: فَلَمَّا تحسَّاها وَقَفْنَا كَأَنَّنَا * نرى قمراً في الأرض يبلغ كوكبا


(١) في وفيات الاعيان ٢ / ٩٥: هو الْحَسَنُ بْنُ هَانِئِ بْنِ عَبْدِ الأوَّل بْنِ صباح.
(٢) من الوفيات، وفي الاصل خلبان.
(جلبان معناها: وردة على غصن) وانظر خزانة الاداب ١ / ٣٤٧.
(٣) أخرجه مسلم في الجنة ح (٨١ - ٨٢) وأبو داود في الجنائز (١٣) وابن ماجة في الزهد (١٤) وأحمد في المسند ٣ / ٢٩٣، ٣١٥، ٣٢٥، ٣٣٠، ٣٣٤، ٣٩٠.
(٤) أخرجه الترمذي في القيامة (١١) وابن ماجة في الزهد (٣٧) وأحمد في المسند ٣ / ٢١٣.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>