للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَدُفِنَتْ بِالْبَقِيعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَقَدْ ذَكَرَ ابن إسحق من توفي غيرها.

عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ الْأَنْصَارِيُّ

شَهِدَ الْعَقَبَتَيْنِ وَالْمُشَاهِدَ كُلَّهَا وَهُوَ أَوَّلُ مَنِ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ، وَفِيهِ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى * (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ المطهرين) * [التَّوْبَةِ: ١٠٨] وَلَهُ رِوَايَاتٌ تُوُفِّيَ هَذِهِ السَّنَةَ بِالْمَدِينَةِ * بِشْرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَنَشٍ يُلَقَّبُ بِالْجَارُودِ، أَسْلَمَ فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ، وَكَانَ شَرِيفًا مُطَاعًا فِي عَبْدِ الْقَيْسِ، وَهُوَ الَّذِي شَهِدَ عَلَى قُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ أَنَّهُ شَرِبَ الْخَمْرَ، فَعَزَلَهُ عُمَرُ عَنِ الْيَمَنِ وَحَدَّهُ قُتِلَ الْجَارُودُ شَهِيدًا * أبو خراشة خُوَيْلِدُ بْنُ مُرَّةَ الْهُذَلِيُّ، كَانَ شَاعِرًا مُجِيدًا مُخَضْرَمًا أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ وَالْإِسْلَامَ وَكَانَ إِذَا جَرَى سَبَقَ الْخَيْلَ.

نَهَشَتْهُ حَيَّةٌ فَمَاتَ بِالْمَدِينَةِ.

ثُمَّ دخلت سنة إحدى وعشرين

وكانت وقعة نهاوند وَهِيَ وَقْعَةٌ عَظِيمَةٌ جِدًّا لَهَا شَأْنٌ رَفِيعٌ وَنَبَأٌ عَجِيبٌ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُسَمُّونَهَا فَتْحَ الْفُتُوحِ قال ابن إسحق وَالْوَاقِدِيُّ: كَانَتْ وَقْعَةُ نَهَاوَنْدَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ.

وَقَالَ سَيْفٌ: كَانَتْ فِي سَنَةِ سَبْعَ عشرة.

وقيل في سنة تسع عشرة والله أَعْلَمُ.

وَإِنَّمَا سَاقَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ قِصَّتَهَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ فَتَبِعْنَاهُ فِي ذَلِكَ وَجَمَعْنَا كَلَامَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ فِي هَذَا الشَّأْنِ سِيَاقًا وَاحِدًا، حَتَّى دَخَلَ سِيَاقُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ.

قَالَ سَيْفٌ وَغَيْرُهُ: وَكَانَ الَّذِي هَاجَ هَذِهِ الْوَقْعَةَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمَّا افْتَتَحُوا الْأَهْوَازَ وَمَنَعُوا جَيْشَ الْعَلَاءِ مِنْ أَيْدِيهِمْ وَاسْتَوْلَوْا عَلَى دَارِ الْمَلِكِ الْقَدِيمِ مِنْ إِصْطَخْرَ مَعَ مَا حَازُوا مِنْ دَارِ مَمْلَكَتِهِمْ حَدِيثًا، وَهِيَ الْمَدَائِنُ، وأخذ تِلْكَ الْمَدَائِنَ وَالْأَقَالِيمَ وَالْكُوَرَ وَالْبُلْدَانَ الْكَثِيرَةَ، فَحَمُوا عِنْدَ ذَلِكَ وَاسْتَجَاشَهُمْ يَزْدَجِرْدُ الَّذِي تَقَهْقَرَ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ حَتَّى صَارَ إِلَى أَصْبَهَانَ مُبْعَدًا طَرِيدًا، لَكِنَّهُ فِي أُسْرَةٍ مِنْ قَوْمِهِ وأهله وماله، وكتب إِلَى نَاحِيَةِ نَهَاوَنْدَ وَمَا وَالَاهَا مِنَ الْجِبَالِ وَالْبُلْدَانِ، فَتَجَمَّعُوا وَتَرَاسَلُوا حَتَّى كَمُلَ لَهُمْ مِنَ الْجُنُودِ مَا لَمْ يَجْتَمِعْ لَهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ (١) ، فَبَعَثَ سَعْدٌ إِلَى عُمَرَ يُعْلِمُهُ بِذَلِكَ، وَثَارَ أهل الكوفة على سعد في غضون هذا الحال.

فشكوه في كل شئ حَتَّى قَالُوا: لَا يُحْسِنُ يُصَلِّي.

وَكَانَ الَّذِي نَهَضَ بِهَذِهِ الشَّكْوَى رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: الْجَرَّاحُ بْنُ سِنَانٍ الْأَسَدِيُّ فِي نَفَرٍ مَعَهُ، فَلَمَّا ذهبوا إلى عمر فشكوه قال لهم عمر: إن الدليل على ما عندكم من الشر نُهُوضُكُمْ فِي هَذَا الْحَالِ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُسْتَعِدٌّ لقتال أعداء الله، وقد جمعوا لَكُمْ، وَمَعَ هَذَا لَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَنْظُرَ في


(١) في الطنبري ٤ / ٢٣٥ والكامل ٣ / ٥ وبلغ الخبر سعدا وفي فتوح ابن الاعثم: وبلغ ذلك أهل الكوفة فاجتمعوا إلى أميرهم عمار بن ياسر ٢ / ٣٢.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>