للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَيِّنَ الْأَخْلَاقِ حَسَنَ الْعِشْرَةِ، لَا تَمَلُّ مُجَالَسَتَهُ.

تُوُفِّيَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ بِدَرْبِ الرَّيْحَانِ، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ.

قَاضِي الْقُضَاةِ شَرَفُ الدِّينِ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحِ بْنِ عِيسَى السُّبْكِيُّ الْمَالِكِيُّ، وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وسمع الحديث وتفقه وأفتى بالصلاحية، وَوَلِيَ حِسْبَةَ الْقَاهِرَةِ ثُمَّ وَلِيَ الْقَضَاءَ سَنَةَ ثلاث وَسِتِّينَ، لَمَّا وَلَّوْا مِنْ كُلِّ مَذْهَبٍ قَاضِيًا، وَقَدِ امْتَنَعَ أَشَدَّ الِامْتِنَاعِ ثُمَّ أَجَابَ بَعْدَ إكراه بشرط أَنْ لَا يَأْخُذَ عَلَى الْقَضَاءِ جَامَكِيَّةَ، وَكَانَ مَشْهُورًا بِالْعِلْمِ وَالدِّينِ، رَوَى عَنْهُ الْقَاضِي بَدْرُ الدين ابن جَمَاعَةَ وَغَيْرُهُ تُوُفِّيَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ.

الطَّوَاشِيُّ شُجَاعُ الدِّينِ مُرْشِدٌ الْمُظَفَّرِيُّ الْحَمَوِيُّ كَانَ شُجَاعًا بَطَلًا مِنَ الْأَبْطَالِ الشُّجْعَانِ، وَكَانَ له رأي سديد، كان أُسْتَاذُهُ لَا يُخَالِفُهُ، وَكَذَلِكَ الْمَلِكُ الظَّاهِرُ، تُوُفِّيَ بِحَمَاةَ وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِ بِالْقُرْبِ مِنْ مَدْرَسَتِهِ بِحَمَاةَ.

ابْنُ سَبْعِينَ: عَبْدُ الْحَقِّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ محمد ابن نَصْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بن قُطْبُ الدِّينِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ الرُّقُوطِيُّ، نِسْبَةً إِلَى

رُقُوطَةَ بَلْدَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ مُرْسِيَةَ، وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَاشْتَغَلَ بِعِلْمِ الْأَوَائِلِ وَالْفَلْسَفَةِ، فَتَوَلَّدَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ نَوْعٌ مِنَ الإلحاد، وصنف فيه، وكان يعرف السيميا (١) ، وكان يُلَبِّسُ بِذَلِكَ عَلَى الْأَغْبِيَاءِ مِنَ الْأُمَرَاءِ وَالْأَغْنِيَاءِ، وَيَزْعُمُ أَنَّهُ حَالٌ مِنْ أَحْوَالِ الْقَوْمِ، وَلَهُ من المصنفات كتاب البدوي , وَكِتَابُ الْهُوَ، وَقَدْ أَقَامَ بِمَكَّةَ وَاسْتَحْوَذَ عَلَى عقل صاحبها ابن سمي، وَجَاوَرَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ بِغَارِ حِرَاءَ يَرْتَجِي فِيمَا يُنْقَلُ عَنْهُ أَنْ يَأْتِيَهُ فِيهِ وَحْيٌ كَمَا أَتَى النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِنَاءً عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ مِنَ الْعَقِيدَةِ الْفَاسِدَةِ مِنْ أَنَّ النُّبُوَّةَ مُكْتَسَبَةٌ، وَأَنَّهَا فَيْضٌ يَفِيضُ عَلَى الْعَقْلِ إِذَا صَفَا، فَمَا حَصَلَ لَهُ إِلَّا الْخِزْيُ فِي الدُّنيا وَالْآخِرَةِ، إِنْ كَانَ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ كَانَ إِذَا رَأَى الطَّائِفِينَ حَوْلَ الْبَيْتِ يَقُولُ عَنْهُمْ كَأَنَّهُمُ الْحَمِيرُ حَوْلَ الْمَدَارِ، وَإِنَّهُمْ لَوْ طَافُوا بِهِ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ طَوَافِهِمْ بِالْبَيْتِ، فَاللَّهُ يَحْكُمُ فِيهِ وَفِي أَمْثَالِهِ.

وَقَدْ نُقِلَتْ عَنْهُ عَظَائِمُ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ، تُوُفِّيَ فِي الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شوال بمكة.


(١) لفظ سيمياء عبراني معرب، أصله سيم يه: ومعناه اسم الله.
وعلم السيمياء يطلق على غير الحقيقي من ال كما هو المشهور.
وحاصله احداث مثاليات خيالية في الجو لا وجود لها في الحس.
وقد يطلق على ايجاد تلك المثالات بصورها في الحس، ويكون صورا في جوهر الهواء، ولهذا يسرع زوالها لسرعة تغير جوهر الهواء، وعدم حفظه ما يقبله زمانا طويلا، لكنه سريع القبول وسريع الزوال لرطوبته.
(مفتاح السعادة لزاده - ١ / ٣١٦) .
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>