للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِذَلِكَ عَنِّي.

قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ المغيرة الحزامي، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَيَّاشٍ السَّمَعِيُّ الْأَنْصَارِيُّ الْقُبَائِيُّ، مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، عَنْ دَلْهَمِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَاجِبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ الْمُنْتَفِقِ الْعُقَيْلِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمِّهِ لَقِيطِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ دَلْهَمٌ: وحدَّثنيه أَبِي الْأَسْوَدُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطٍ أَنَّ لَقِيطًا خَرَجَ وَافِدًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم وَمَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ: نَهِيكُ بْنُ عَاصِمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْمُنْتَفِقِ قَالَ لَقِيطٌ فَخَرَجْتُ أَنَا وَصَاحِبِي حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة انْسِلَاخَ رَجَبٍ فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَافَيْنَاهُ حِينَ انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ فَقَامَ فِي النَّاس خَطِيبًا.

فَقَالَ: " أَيُّهَا النَّاس أَلَا إِنِّي قَدْ خَبَّأْتُ لَكُمْ صَوْتِي مُنْذُ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، أَلَا لَأُسْمِعَنَّكُمْ أَلَا فَهَلْ مِنَ امْرِئٍ بَعَثَهُ قَوْمُهُ " فَقَالُوا اعْلَمْ لَنَا مَا يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ أَلَا ثُمَّ لَعَلَّهُ أَنْ يُلْهِيَهُ حَدِيثُ نَفْسِهِ، أَوْ حَدِيثُ صَاحِبِهِ، أَوْ يُلْهِيَهُ الضَّلَالُ أَلَا إني مسؤول هل بلغت ألا فاسمعوا تَعِيشُوا أَلَا اجْلِسُوا أَلَا اجْلِسُوا (قَالَ) فَجَلَسَ النَّاس وَقُمْتُ أَنَا وَصَاحِبِي حتَّى إِذَا فَرَغَ لَنَا فُؤَادُهُ وَبَصَرُهُ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عِنْدَكَ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ؟ فَضَحِكَ لَعَمْرُ اللَّهِ وهزَّ رَأْسَهُ وَعَلِمَ أَنِّي أَبْتَغِي لِسَقْطِهِ.

فَقَالَ: " ضَنَّ رَبُّكَ عَزَّ وَجَلَّ بِمَفَاتِيحِ خَمْسٍ مِنَ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ " وَأَشَارَ بِيَدِهِ قُلْتُ وَمَا هِيَ؟ قَالَ عِلْمُ الْمَنِيَّةِ قَدْ عَلِمَ مَتَى مَنِيَّةُ أَحَدِكُمْ وَلَا تَعْلَمُونَهُ.

وَعِلْمُ [الْمَنِيِّ حِينَ يَكُونُ فِي الرَّحِمِ قَدْ

عَلِمَهُ وَلَا تَعْلَمُونَ وَعِلْمُ] مَا فِي غَدٍ وَمَا أَنْتَ طَاعِمٌ غَدًا وَلَا تَعْلَمُهُ، وَعِلْمُ يَوْمِ الْغَيْثِ يُشْرِفُ عَلَيْكُمْ آزِلِينَ مُسْنِتِينِ (١) فَيَظَلُّ يَضْحَكُ قَدْ عَلِمَ أَنَّ غَيْرَكُمْ إِلَى قَرِيبٍ ".

قَالَ لَقِيطٌ: قُلْتُ لَنْ نَعْدَمَ مِنْ ربٍّ يضحك خيراً - وعلم يو الساعة.

قلنا (٢) : يا رسول الله علِّمنا مما لا يعلم النَّاس ومما تَعْلَمُ، فَأَنَا مِنْ قَبِيلٍ لَا يُصَدِّقُونَ تَصْدِيقَنَا أَحَدٌ، مِنْ مَذْحِجٍ الَّتِي تَرْبُوا عَلَيْنَا وَخَثْعَمٍ الَّتِي تَوَالِينَا وَعَشِيرَتِنَا الَّتِي نَحْنُ مِنْهَا قَالَ: تَلْبَثُونَ مَا لَبِثْتُمْ ثُمَّ يُتَوَفَّى نَبِيُّكُمْ، ثُمَّ تَلْبَثُونَ مَا لَبِثْتُمْ ثُمَّ تُبْعَثُ الصَّائِحَةُ، لَعَمْرُ إِلَهِكَ مَا تَدَعُ عَلَى ظَهْرِهَا من شئ إلا مات، والملائكة الذين مع ربك فأصبح ربك عز وجل يطوف بالأرض وَقَدْ خَلَتْ عَلَيْهِ الْبِلَادُ، فَأَرْسَلَ رَبُّكُ السَّمَاءَ تَهْضِبُ مِنْ عِنْدِ الْعَرْشِ، فَلَعَمْرُ إِلَهِكَ مَا تَدَعُ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ مَصْرَعِ قَتِيلٍ وَلَا مَدْفَنِ مَيِّتٍ إِلَّا شَقَّتِ الْقَبْرَ عَنْهُ تخلقه مِنْ عِنْدِ رَأْسِهِ، فَيَسْتَوِي جَالِسًا فَيَقُولُ رَبُّكَ عز وجل مهيم؟ لما كان فيه - يقول: يا رب أمس اليوم، فلعهده بالحياة يتحسبه حَدِيثًا بِأَهْلِهِ.

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يجمعنا بعدما تفرقنا الرِّيَاحُ وَالْبِلَى وَالسِّبَاعُ.

فَقَالَ: أُنْبِئُكَ بِمِثْلِ ذَلِكَ في آلاء اللَّهَ فِي الْأَرْضِ أَشْرَفْتَ عَلَيْهَا وَهِيَ مَدَرَةٌ بَالِيَةٌ فَقُلْتَ لا تحي أَبَدًا.

ثُمَّ أَرْسَلَ رَبُّكَ عَلَيْهَا السَّمَاءَ فَلَمْ تَلْبَثْ عَلَيْكَ [إِلَّا] أَيَّامًا حتَّى أَشْرَفْتَ عَلَيْهَا وهي شرية (٣) وَاحِدَةٌ فَلَعَمْرُ إِلَهِكَ لَهُوَ أَقْدَرُ عَلَى أَنْ يَجْمَعَكُمْ مِنَ الْمَاءِ عَلَى أَنْ يَجْمَعَ نَبَاتَ الْأَرْضِ فَتَخْرُجُونَ من الأصواء (٤) ومن مصارعكم فنتظرون إِلَيْهِ وَيَنْظُرُ إِلَيْكُمْ.

قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله


(١) الازل: الشدة، والمسنتين: من أصابتهم السنة - أي القحط.
(٢) في المسند: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنَا مِمَّا تُعَلِّمُ الناس وما تعلم.
(٣) الشرية: شجر الحنظل، والشرية بفتح الراء: الطريقة.
(٤) الاصواء: القبور (*)

<<  <  ج: ص:  >  >>