يزيد بن محمد بن خيثم عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خيثم عن يَزِيدَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ: " أَلَا أحدِّثك بِأَشْقَى النَّاسِ " قَالَ: بَلَى.
قَالَ: " رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا أُحَيْمِرُ ثَمُودَ الَّذِي عَقَرَ النَّاقة والذي بضربك يَا عَلِيُّ عَلَى هَذَا - يَعْنِي قَرْنَهُ - حَتَّى تَبْتَلَّ مِنْهُ هَذِهِ - يَعْنِي لِحْيَتَهُ ".
رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَقَالَ تَعَالَى (فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) [الأعراف: ٧٧] فَجَمَعُوا فِي كَلَامِهِمْ هَذَا بَيْنَ كُفْرٍ بَلِيغٍ مِنْ وُجُوهٍ: مِنْهَا أَنَّهُمْ خَالَفُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِي ارْتِكَابِهِمُ النَّهْيَ الْأَكِيدَ فِي عَقْرِ النَّاقَةِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ لَهُمْ آيَةً.
وَمِنْهَا أَنَّهُمُ اسْتَعْجَلُوا وُقُوعَ الْعَذَابِ بِهِمْ فَاسْتَحَقُّوهُ مِنْ وَجْهَيْنِ * أَحَدُهُمَا الشَّرْطُ عَلَيْهِمْ فِي قَوْلِهِ (وَلَا تَمَسُّوهَا بسوء فيأخذكم عذاب قَرِيبٌ) وَفِي آيَةٍ " عَظِيْمٌ " وَفِي الْأُخْرَى " أَلِيمٌ " وَالْكُلُّ حَقٌّ * وَالثَّانِي اسْتِعْجَالُهُمْ عَلَى ذَلِكَ.
وَمِنْهَا أَنَّهُمْ كَذَّبُوا الرَّسُولَ الَّذِي قَدْ قَامَ الدَّلِيلُ الْقَاطِعُ عَلَى نُبُوَّتِهِ وَصِدْقِهِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ عِلْمًا جَازِمًا وَلَكِنْ حَمَلَهُمُ الْكُفْرُ وَالضَّلَالُ وَالْعِنَادُ عَلَى اسْتِبْعَادِ الْحَقِّ وَوُقُوعِ الْعَذَابِ بِهِمْ * قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ (١) ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ) [هود: ٦٥] وَذَكَرُوا نهم لَمَّا عَقَرُوا النَّاقَةَ كَانَ أَوَّلَ مَنْ سَطَا عَلَيْهَا قُدَارُ بْنُ سَالِفٍ لَعَنَهُ اللَّهُ فَعَرْقَبَهَا فَسَقَطَتْ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ ابْتَدَرُوهَا بِأَسْيَافِهِمْ يُقَطِّعُونَهَا فلما عاين ذلك سقيها وَهُوَ وَلَدُهَا شَرَدَ عَنْهُمْ فَعَلَا أَعْلَى الْجَبَلِ هُنَاكَ وَرَغَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلِهَذَا قَالَ لَهُمْ صالح (تمتعوا في داركم ثلاثة أيام) أَيْ غَيْرَ يَوْمِهِمْ ذَلِكَ فَلَمْ يُصَدِّقُوهُ أَيْضًا فِي هَذَا الْوَعْدِ الْأَكِيدِ بَلْ لَمَّا أَمْسَوْا هَمُّوا بِقَتْلِهِ وَأَرَادُوا فِيمَا يَزْعُمُونَ أَنْ يُلْحِقُوهُ بِالنَّاقَةِ (قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ) [النمل: ٤٨] أي لنكسنه فِي دَارِهِ مَعَ أَهْلِهِ فَلَنَقْتُلَنَّهُ ثُمَّ نَجْحَدَنَّ قَتْلَهُ وَنُنْكِرَنَّ ذَلِكَ إِنْ طَالَبَنَا أَوْلِيَاؤُهُ بِدَمِهِ.
وَلِهَذَا قَالُوا: (ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا
مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لصادقون) [النمل: ٤٨] قال اللَّهُ تَعَالَى (وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ.
فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ.
فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) [النمل: ٥٠ - ٥٣] وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرْسَلَ عَلَى أُولَئِكَ النَّفر الَّذِينَ قَصَدُوا قَتْلَ صَالِحٍ حِجَارَةً رَضَخَتْهُمْ سَلَفًا وَتَعْجِيلًا قَبْلَ قَوْمِهِمْ وَأَصْبَحَتْ ثَمُودُ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَهُوَ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ مِنْ أَيَّامِ النَّظِرَةِ وَوُجُوهُهُمْ مُصْفَرَّةٌ كَمَا أَنْذَرَهُمْ صَالِحٌ عَلَيْهِ السَّلام فَلَمَّا أَمْسَوْا نَادَوْا بِأَجْمَعِهِمْ أَلَا قَدْ مَضَى يَوْمٌ مِنَ الْأَجَلِ.
ثُمَّ أَصْبَحُوا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّأْجِيلِ.
وَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَوُجُوهُهُمْ مُحْمَرَّةٌ فَلَمَّا أَمْسَوْا نَادَوْا أَلَا قَدْ مَضَى يَوْمَانِ مِنَ الْأَجَلِ.
ثُمَّ أَصْبَحُوا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ الْمَتَاعِ وَهُوَ يَوْمُ السبت ووجوههم مسودة فلما
(١) قال الرازي في تفسيره: قال ابن عباس: أنه تعالى لما امهلهم تلك الأيام الثلاثة فقد رغبهم في الايمان، وذلك لانهم لما عقروا الناقة أنذرهم صالح عليه السَّلام بنزول العذاب.. [*]