للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القضاة الثلاثة وطلبوا الحنبلي ليتكلموا معه فيما يتعلق بدار المعتمد التي بجوار مدرسة الشيخ أبي عمر، التي حكم بنقض وقفها وهدم بابها وإضافتها إلى دار القرآن المذكورة، وجاء مرسوم السلطان يوفق ذلك، وكان القاضي الشافعي قد أراد منعه من ذلك، فلما جاء مرسوم السلطان اجتمعوا لذلك، فلم يحضر القاضي الحنبلي، قال: حتى يجئ نائب السلطنة.

ولما كان يوم الخميس خامس عشر ربيع الأول حضر القاضي حسين ولد قاضي القضاة تقي الدين السبكي عن أبيه مشيخة دار الحديث الأشرفية وقرئ عليه شئ كان قد خرجه له بعض المحدثين، وشاع في البلد أنه نزل له عنها، وتكلموا في ذلك كلاما كثيرا، وانتشر القول في ذلك، وذكر بعضهم أنه نزل له عن الغزالية والعادلية، واستخلفه في ذلك والله أعلم.

وفي سحر ليلة الخميس شهر جمادى الآخرة وقع حريق عظيم بالجوانيين في السوق الكبير واحترقت دكاكين والفواخرة والمناجليين، وفرجة الغرابيل، وإلى درب القلى، ثم إلى قريب درب العميد، وصارت تلك الناحية دكا بلقعا، فإنا لله وإنا إليه راجعون. وجاء نائب السلطنة بعد الاذان إلى هناك ورسم بطفي النار، وجاء المتولي والقاضي الشافعي والحجاب، وشرع الناس في طفي النار، ولو تركوها لاحترقت شيئا كثيرا، ولم يفقد فيما بلغنا أحد من الناس، ولكن هلك للناس شئ كثير من المتاع والأثاث والأملاك وغير ذلك، واحترق للجامع من الرباع في هذا الحريق ما يساوي مائة ألف درهم. انتهى والله أعلم.

[كائنة غريبة جدا]

وفي يوم الأحد خامس عشر جمادى الأولى استسلم للقاضي الحنبلي جماعة من اليهود كان قد صدر منهم نوع استهزاء بالاسلام وأهله، فإنهم حملوا رجلا منهم صفة ميت على نعش ويهللون كتهليل المسلمين أمام الميت ويقرأون (قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد) [الاخلاص: ١ - ٤] فسمع بهم من بحارتهم من المسلمين، فأخذوهم إلى ولي الأمر نائب السلطنة فدفعهم إلى الحنبلي، فاقتضى الحال استسلامهم فأسلم يومئذ منهم ثلاثة وتبع أحدهم ثلاثة أطفال، وأسلم في اليوم الثاني ثمانية آخرون فأخذهم المسلمون وطافوا بهم في الأسواق يهللون ويكبرون، وأعطاهم أهل الأسواق شيئا كثيرا وراحوا بهم إلى الجامع فصلوا ثم أخذوهم إلى دار السعادة فاستطلقوا لهم شيئا، ورجعوا وهم في ضجيج وتهليل وتقديس، وكان يوما مشهودا ولله الحمد والمنة. انتهى والله أعلم.

[مملكة السلطان الملك الصالح صلاح الدين بن الملك الناصر محمد بن الملك المنصور قلاوون الصالحي]

في العشر الأوسط من شهر رجب الفرد وردت البريدية من الديار المصرية

<<  <  ج: ص:  >  >>