للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكل الضب وأقرط الحنظل اليايس … (١) واشرب إن شئت بول الظليم

فليس ذا وجه من يضيف ولا يقري … ولا يدفع الأذى عن حريم

ومن شعره الحيص بيص الجيد:

سلامة المرء ساعة عجب … وكل شئ لحتفه سبب

يفر والحادثات تطلبه … يفر منها ونحوها الهرب

وكيف يبقى على تقلبه … مسلما من حياته العطب

ومن شعره أيضا:

لا تلبس الدهر على غرة … فما لموت الحي من بد

ولا يخادعك طول البقا … فتحسب التطويل من خلد

يقرب ما كان آخرا … ما أقرب المهد من اللحد

ويقرب من هذا ما ذكره صاحب العقد أحمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي في عقده:

ألا إنما الدنيا غضارة أيكة … إذا اخضر منها جانب جف جانب

وما الدهر والآمال إلا فجائع … عليها وما اللذات إلا مصائب

فلا تكتحل عيناك منها بعبرة … على ذاهب منها فإنك ذاهب

وقد ذكر أبو سعد السمعاني حيص بيص هذا في ذيله وأثنى عليه، وسمع عليه ديوانه ورسائله، وأثنى على رسائله القاضي ابن خلكان، وقال: كان فيه تيه وتعاظم، ولا يتكلم إلا معربا، وكان فقيها شافعي المذهب، واشتغل بالخلاف وعلم النظر، ثم تشاغل عن ذلك كله بالشعر، وكان من أخبر الناس بأشعار العرب، واختلاف لغاتهم. قال: وإنما قيل له الحيص بيص، لأنه رأى الناس في حركة واختلاط، فقال: ما للناس في حيص بيص، أي في شر وهرج، فغلب عليه هذه الكلمة (٢)، وكان يزعم أنه من ولد أكثم بن صيفي طبيب العرب، ولم يترك عقبا. كانت له حوالة بالحلة فذهب يتقاضاها فتوفي ببغداد في هذه السنة.

[محمد بن نسيم]

أبو عبد الله الخياط، عتيق الرئيس أبي الفضل بن عبسون (٣)، سمع الحديث وقارب


(١) في الوافي: وأقرض الحنظل الأخضر …
(٢) انظر وفيات الأعيان ٢/ ٣٦٥ والوافي بالوفيات ١٥/ ١٦٧.
(٣) في الوافي ٥/ ١١٠ والنجوم الزاهرة ٦/ ٨٤ وشذرات الذهب ٤/ ٢٤٩: عيشون.

<<  <  ج: ص:  >  >>