للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَادَاتِ الصَّحابة، وَأَعْيَانِ النَّاس مَنْ يُذْكَرُ بَعْدُ، وخرج خالد وتبعه مُجَّاعَةُ بْنُ مُرَارَةَ يَرْسِفُ فِي قُيُودِهِ، فَجَعَلَ يُرِيَهُ الْقَتْلَى ليعرِّفه بِمُسَيْلِمَةَ، فلمَّا مرُّوا بالرَّجْال بْنِ عُنْفُوَةَ قَالَ لَهُ خَالِدٌ: أَهَذَا هُوَ؟ قَالَ: لَا، وَاللَّهِ هَذَا خَيْرٌ مِنْهُ، هَذَا الرَّجْال بْنُ عُنْفُوَةَ، قَالَ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ: ثمَّ مرُّوا برجل أصفر أخنس (١) ، فَقَالَ.

هَذَا صَاحِبُكُمْ، فَقَالَ خَالِدٌ: قبَّحكم اللَّهُ عَلَى اتِّباعكم هَذَا، ثمَّ بَعَثَ خَالِدٌ الْخُيُولَ حَوْلَ الْيَمَامَةِ يَلْتَقِطُونَ مَا حَوْلَ حُصُونِهَا مِنْ مَالٍ وَسَبْيٍ، ثمَّ عَزَمَ عَلَى غَزْوِ الْحُصُونِ وَلَمْ يَكُنْ بَقِيَ فِيهَا إِلَّا النِّساء والصِّبيان والشُّيوخ الكبار، فجدعه مُجَّاعَةُ فَقَالَ: أنَّها مَلْأَى رِجَالًا وَمُقَاتِلَةً فهلمَّ فصالحني عنها، فَصَالَحَهُ خَالِدٌ لِمَا رَأَى بِالْمُسْلِمِينَ مِنَ الْجَهْدِ وَقَدْ كلُّوا مِنْ كَثْرَةِ الْحُرُوبِ وَالْقِتَالِ، فَقَالَ: دَعْنِي حَتَّى أَذْهَبَ إِلَيْهِمْ لِيُوَافِقُونِي عَلَى الصُّلح، فَقَالَ: اذْهَبْ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ مُجَّاعَةُ فَأَمَرَ النِّساء أن يلبسن الحديد ويبرزن على رؤوس الْحُصُونِ، فَنَظَرَ خَالِدٌ فَإِذَا الشُّرفات مُمْتَلِئَةٌ مِنْ رؤوس النَّاس فظنَّهم كما قال مجاعة فانتظر الصُّلح، وَدَعَاهُمْ خَالِدٌ إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمُوا عَنْ آخِرِهِمْ وَرَجَعُوا إِلَى الحقِّ وردَّ عَلَيْهِمْ خَالِدٌ بَعْضَ مَا كَانَ أَخَذَ مِنَ السَّبي (٢) ، وَسَاقَ الْبَاقِينَ إِلَى الصِّديق، وَقَدْ تسرَّى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِجَارِيَةٍ مِنْهُمْ، وَهِيَ أمُّ ابْنِهِ محمَّد الذي يقال له: محمد بن الْحَنَفِيَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَدْ قَالَ ضِرَارُ بن الأزور في غزوة اليمامة هذه: فَلَو سُئِلَتْ عنَّا جنوبٌ لأخْبرَتْ * عَشِيَةَ سَالَتْ عَقربَاءُ ومُلْهَمُ وسَالَ بِفَرعِ الوَادِ حَتَّى تَرَقْرَقَتْ * حِجَارَتَهُ فِيهِ مِنَ القَومِ بالدَّمِ

عشيَّةَ لَا تُغني الرِّماحُ مَكَانها * وَلَا النَّبْلُ إِلَّا الْمَشْرَفِيُّ المُصَمَمِ


= نحو منها.
(٣) في الفتوح ١ / ٤٠: ألف ومائتي رجل، [ومنهم] سبعمائة رجل كانوا حفاظ القرآن.
(١) في الطبري: رويجل أصيفر أخينس.
(٢) أورد الطبري نص كتاب الصلح بين خالد بن الوليد ومجاعة بن مرارة وفيه: هذا ما قاضى عليه خالد بن الوليد مجاعة بن مرارة وسلمة بن عمير وفلانا وفلانا قاضاهم على الصفراء والبيضاء ونصف السبي والحلقة والكراع وحائط من كل قرية ومزرعة على أن يسلموا ثم أنتم آمنون بأمان الله ولكم ذمة خالد بن الوليد وذمة أَبِي بَكْرٍ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وذمم المسلمين على الوفاء.
(٣ / ٢٥٣) .
وفي فتوح ابن الاعثم: " على ثلث الكراع وربع السبي " وقد أرسل خالد كتابا إلى أبي بكر بشأن الصلح وفيه: بسم الله الرحمن الرحيم.
لعبد الله بن عثمان خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله من خالد بن الوليد، أما بعد، فإن الله تبارك وتعالى لم يرد بأهل اليمامة إلا ما صاروا إليه، وقد صالحت القوم على شئ من الصفراء والبيضاء وعلى ثلث الكراع وربع السبي ولعل الله تبارك وتعالى أن يجعل عاقبة صلحهم خيرا والسلام.
ورد أبو بكر جواب الكتاب: أما بعد فقد قرأت كتابك، وأما ما ذكرت فيه من صلح القوم.
فأتمم للقوم ما صالحتهم عليه ولا تغدر بهم واجمع الغنائم والسبي وما أفاء الله به عليك من مال بني حنيفة فأخرج من ذلك الخمس ووجه به إلينا ليقسم فيمن حضرنا من المسلمين وأدفع إلى كل ذي حق حقه والسلام (الفتوح ١ / ٤١) .
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>