للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

درهم، فلما قبض المال ندم وندمت الجارية، فأشارت تخاطب سيدها بأبيات شعر وهي:

هنيئا لك المال الذي قد أخذته … ولم يبق في كفي إلا تفكري

أقول لنفسي وهي في كرب عيشة … أقلي فقد بان الخليط أو أكثري

إذا لم يكن في الامر عندك حيلة … ولم تجدي بدا من الصبر فاصبري

فأجابها سيدها فقال:

ولولا قعود الدهر عنك لم يكن … لفرقتنا شئ سوى الموت فاصبري (١)

أأوب بحزن من فراقك موجع … أناجي به قلبا طويل التذكر (٢)

عليك سلام لا زيارة بيننا … ولا وصل إلا أن يشاء ابن معمر

فلما سمعهما ابن معمر قد شببت قال: والله لا فرقت بين محبين أبدا، ثم أعطاه المال - وهو مائة ألف - والجارية لما رأى من توجعهما على فراق كل منهما صاحبه، فأخذ الرجل الجارية وثمنها وانطلق. توفي عمر بن عبيد الله بن معمر هذا بدمشق بالطاعون، وصلى عليه عبد الملك بن مروان، ومشى في جنازته وحضر دفنه وأثنى عليه بعد موته، وكان له من الولد طلحة وهو من سادات قريش تزوج فاطمة بنت القاسم بن محمد بن جعفر على صداق أربعين ألف دينار، فأولدها إبراهيم ورملة، فتزوج رملة إسماعيل بن علي بن عبد الله بن عباس على صداق مائة ألف دينار .

[كميل بن زياد]

ابن نهيك بن خيثم النخعي الكوفي. روى عن عمر وعثمان وعلي وابن مسعود وأبي هريرة، وشهد مع علي صفين، وكان شجاعا فاتكا، وزاهدا عابدا، قتله الحجاج في هذه السنة، وقد عاش مائة سنة قتله صبرا بين يديه: وإنما نقم عليه لأنه طلب من عثمان بن عفان القصاص من لطمة لطمها إياه. فلما أمكنه عثمان من نفسه عفا عنه، فقال له الحجاج: أو مثلك يسأل من أمير المؤمنين القصاص؟ ثم أمر فضربت عنقه، قالوا: وذكر الحجاج عليا في غبون ذلك فنال منه وصلى عليه كميل، فقال له الحجاج: والله لأبعثن إليك من يبغض عليا أكثر مما تحبه أنت، فأرسل إليه ابن أدهم، وكان من أهل حمص، ويقال أبا الجهم بن كنانة فضرب عنقه، وقد روى عن كميل جماعة كثيرة من التابعين وله الأثر المشهور عن علي بن أبي طالب الذي أوله " القلوب أوعية فخيرها أوعاها " وهو طويل قد رواه جماعة من الحفاظ الثقات وفيه مواعظ وكلام حسن رضي الله عن قائله.


(١) في العقد: يفرقنا شئ سوى الموت فاعذري.
(٢) في العقد:
أبوح بحزن ...... أقاسي به ليلا يطيل تفكري.

<<  <  ج: ص:  >  >>