للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَادِسِيُّ هَذَا يُلَازِمُ حُضُورَ مَجْلِسِ الشَّيْخِ أَبِي الْفَرَجِ بْنِ الْجَوْزِيِّ، وَيُزْهِرُهُ لِمَا يَسْمَعُهُ مِنَ الْغَرَائِبِ، وَيَقُولُ وَاللَّهِ إِنَّ ذَا مَلِيحٌ فَاسْتَقْرَضَ مِنْهُ الشَّيْخُ مَرَّةً عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَلَمْ يُعْطِهِ، وَصَارَ يَحْضُرُ وَلَا يَتَكَلَّمُ، فَقَالَ الشَّيْخُ مَرَّةً: هَذَا الْقَادِسِيُّ لَا يُقْرِضُنَا شَيْئًا وَلَا يَقُولُ وَاللَّهِ إِنَّ ذَا مَلِيحٌ؟ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى، وقد طلب القادسي مرة إلى دار المستضئ لِيُصَلِّيَ بِالْخَلِيفَةِ التَّرَاوِيحَ فَقِيلَ لَهُ وَالْخَلِيفَةُ يَسْمَعُ: ما مذهبك؟ فقال حنبلي، فقال لَهُ لَا تُصَلِّ بِدَارِ الْخِلَافَةِ وَأَنْتِ حَنْبَلِيٌّ، فَقَالَ أَنَا حَنْبَلِيٌّ وَلَا أُصَلِّي بِكُمْ، فَقَالَ الْخَلِيفَةُ اتْرُكُوهُ لَا يُصَلِّي بِنَا إِلَّا هُوَ.

أبو الكرم المظفر بن المبارك ابن أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ الْبَغْدَادِيُّ الْحَنَفِيُّ شَيْخُ مَشْهَدِ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ، وَلِيَ الْحِسْبَةَ بِالْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ مِنْ بَغْدَادَ، وَكَانَ فَاضِلًا دَيِّنًا شَاعِرًا وَمِنْ شعره: فَصُنْ بِجَمِيلِ الصَّبْرِ نَفْسَكَ وَاغْتَنِمْ * شَرِيفَ الْمَزَايَا لا يفتك ثوابها وعش سَالِمًا وَالْقَوْلُ فِيكَ مُهَذَّبٌ * كَرِيمًا وَقَدْ هَانَتْ عليك صعابها وتندرج الأيام والكل ذاهب * قليل ويقنى عَذْبُهَا وَعَذَابُهَا وَمَا الدَّهْرُ إِلَّا مَرُّ يومٍ وَلَيْلَةٍ * وَمَا الْعُمْرُ إِلَّا طَيُّهَا وَذَهَابُهَا وَمَا الحزم إلا في إخاء عزيمة * وفيك الْمَعَالِي صَفْوُهَا وَلُبَابُهَا وَدَعْ عَنْكَ أَحْلَامَ الْأَمَانِي فَإِنَّهُ * سَيُسْفِرُ يَوْمًا غَيُّهَا وَصَوَابُهَا مُحَمَّدُ بْنُ أبي الفرج بْنِ بَرَكَةَ الشَّيْخُ فَخْرُ الدِّين أَبُو الْمَعَالِي الْمَوْصِلِيُّ، قَدِمَ بَغْدَادَ وَاشْتَغَلَ بِالنِّظَامِيَّةِ وَأَعَادَ بِهَا، وَكَانَتْ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالْقِرَاءَاتِ، وَصَنَّفَ كِتَابًا فِي مَخَارِجِ الْحُرُوفِ، وَأَسْنَدَ الْحَدِيثَ وَلَهُ شِعْرٌ لَطِيفٌ.

أَبُو بَكْرِ بْنُ حَلَبَةَ الْمَوَازِينِيُّ الْبَغْدَادِيُّ كَانَ فَرْدًا فِي عِلْمِ الْهَنْدَسَةِ وَصِنَاعَةَ الْمَوَازِينِ يَخْتَرِعُ أَشْيَاءَ عَجِيبَةً، مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ ثَقَبَ حَبَّةَ خَشْخَاشٍ سَبْعَةَ ثُقُوبٍ وَجَعَلَ فِي كُلِّ ثَقْبٍ شَعْرَةً، وَكَانَ لَهُ حُظْوَةٌ عِنْدَ الدَّوْلَةِ.

أَحْمَدُ بن جعفر بن أحمد ابن محمد أبو العباس الدبيبي الْبَيِّعُ الْوَاسِطِيُّ، شَيْخٌ أَدِيبٌ فَاضِلٌ لَهُ نَظْمٌ وَنَثْرٌ، عَارِفٌ بِالْأَخْبَارِ وَالسِّيَرِ، وَعِنْدَهُ كُتُبٌ جَيِّدَةٌ كَثِيرَةٌ، وَلَهُ شَرْحُ قَصِيدَةٍ لِأَبِي الْعَلَاءِ الْمَعَرِّيِّ في ثلاث مُجَلَّدَاتٍ، وَقَدْ أَوْرَدَ لَهُ ابْنُ السَّاعِي شِعْرًا حَسَنًا فَصِيحًا حُلْوًا لَذِيذًا فِي السَمْعِ لَطِيفًا في القلب.

<<  <  ج: ص:  >  >>