للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلينا، فتنازعوا فأنزل الله تعالى: (يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله وللرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين) (١). وقد ذكرنا في سبب نزول هذه الآية آثارا أخر يطول بسطها ههنا ومعنى الكلام أن الأنفال مرجعها إلى حكم الله ورسوله يحكما فيها بما فيه المصلحة للعباد في المعاش والمعاد ولهذا قال تعالى: (قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين) ثم ذكر ما وقع في قصة بدر وما كان من الامر حتى انتهى إلى قوله: (واعلموا أنما غنمتم من شئ فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) الآية فالظاهر أن هذه الآية مبينة لحكم الله في الأنفال الذي جعل مرده إليه وإلى رسوله ، فبينه تعالى وحكم فيه بما أراد تعالى، وهو قول أبي زيد وقد زعم أبو عبيد القاسم بن سلام أن رسول الله قسم غنائم بدر على السواء بين الناس، ولم يخمسها. ثم نزل بيان الخمس بعد ذلك ناسخا لما تقدم، وهكذا روى الوالبي عن ابن عباس وبه قال مجاهد وعكرمة والسدي وفي هذا نظر. والله أعلم. فإن سياق الآيات قبل آية الخمس وبعدها كلها في غزوة بدر فيقتضي أن ذلك نزل جملة في وقت واحد غير متفاصل بتأخر يقتضي نسخ بعضه بعضا، ثم في الصحيحين: عن علي أنه قال في قصة شار فيه اللذين اجتب أسنمتهما حمزة إن إحداهما كانت من الخمس يوم بدر ما يرد صريحا على أبي عبيد أن غنائم بدر لم تخمس والله أعلم. بل خمست كما هو قول البخاري وابن جرير وغيرهما وهو الصحيح الراجح. والله أعلم.

[فصل]

في رجوعه من بدر إلى المدينة وما كان من الأمور في مسيره إليها مؤيدا منصورا عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام

وقد تقدم أن الوقعة كانت يوم الجمعة السابع عشر من رمضان سنة اثنتين من الهجرة،


(١) أخرجه البيهقي من طريق وهب بن بقية، وزاد في آخره: يقول: فكان ذلك خيرا لهم، فكذلك أيضا أطيعوني
فإني أعلم بعاقبة هذا منكم.
وأخرجه أبو داود في كتاب الجهاد باب في النفل ح ٢٧٣٧ عن وهب وح ٢٧٣٨ عن زياد بن أيوب عن هشيم عن داود .. وح ٢٧٣٩ عن هارون بن محمد بن بكار بن بلال. وأخرجه النسائي في التفسير عن المعتمر بن سليمان. ونقله الصالحي في السيرة الشامية ٤/ ٨٩ عن ابن حبان وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن مردويه وابن عساكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>