للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله : " أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي ". فقال معاوية: من سمع هذا معك؟ فقال: فلان وفلان وأم سلمة. فقال معاوية: أما إني لو سمعته منه لما قاتلت عليا. وفي رواية من وجه آخر أن هذا الكلام كان بينهما وهما بالمدينة في حجة حجها معاوية، وأنهما قاما إلى أم سلمة فسألاها فحدثتهما بما حدث به سعد، فقال معاوية: لو سمعت هذا قبل هذا اليوم لكنت خادما لعلي حتى يموت أو أموت. وفي إسناد هذا ضعف والله أعلم. وقد روي عن سعد أنه سمع رجلا يتكلم في علي وفي خالد فقال: إنه لم يبلغ ما بيننا إلى ديننا. وقال محمد بن سيرين: طاف سعد على تسع جوار في ليلة فلما انتهى إلى العاشرة أخذه النوم فاستحيت أن توقظه.

ومن كلامه الحسن أنه قال لابنه مصعب: يا بني إذا طلبت شيئا فاطلبه بالقناعة، فإنه من لا قناعة له لم يغنه المال. وقال حماد بن سلمة، عن سماك بن حرب، عن مصعب بن سعد. قال: كان رأس أبي في حجري وهو يقضي فبكيت، فقال: ما يبكيك يا بني؟ والله إن الله لا يعذبني أبدا، وإني من أهل الجنة. إن الله يدين للمؤمنين بحسناتهم فاعملوا لله، وأما الكفار فيخفف عنهم بحسناتهم، فإذا نفدت قال: ليطلب كل عامل ثواب عمله ممن عمل له. وقال الزهري: لما حضرت سعدا الوفاة دعا بخلق جبة فقال: كفنوني في هذه فإني لقيت فيها المشركين يوم بدر، وإنما خبأتها لهذا اليوم.

وكانت وفاة سعد بالعقيق خارج المدينة، فحمل إلى المدينة على أعناق الرجال فصلى عليه مروان، وصلى بصلاته أمهات المؤمنين الباقيات الصالحات، ودفن بالبقيع، وكان ذلك في هذه السنة - سنة خمس وخمسين - على المشهور الذي عليه الأكثرون، وقد جاوز الثمانين على الصحيح. قال علي بن المديني: وهو آخر العشرة وفاة. وقال غيره: كان آخر المهاجرين وفاة، وعنهم أجمعين. وقال الهيثم بن عدي: سنة خمسين، وقال أبو معشر وأبو نعيم مغيث بن المحرر: توفي سعد سنة ثمان وخمسين، زاد مغيث: وفيها توفي الحسن بن علي وعائشة وأم سلمة، والصحيح الأول - خمس وخمسين - قالوا وكان قصيرا غليظا شثن الكفين أفطس أشعر الجسد، يخضب بالسواد، وكان ميراثه مائتي ألف وخمسين ألفا.

[فضالة بن عبيد الأنصاري الأوسي]

أول مشاهده أحد، وشهد بيعة الرضوان، ودخل الشام، وتولى القضاء بدمشق في أيام معاوية بعد أبي الدرداء. قال أبو عبيد: مات سنة ثلاث وخمسين. وقال غيره: سنة سبع وستين، وقال ابن الجوزي في المنتظم: توفي في هذه السنة والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>